العنوان يحمل بعض المبالغة، لكن هذا ما سيخيل للقارئ حين يتابع أبرز عناوين الصحافة في أسبانيا، فمن خلال متابعتي للصحافة الرياضية هناك، وتحديداً الصحف المقربة من عملاقي أسبانيا ريال مدريد وبرشلونة، فإنني أرى ثمة تشابهاً بين بعض ما تطرحه ومعظم ما يطرح في الإعلام الرياضي المحلي. فإعلام الناديين لا يترك شاردة ولا واردة إلا ويستغلها للضرب في الطرف الآخر. سواء بالتشكيك في أحقية فوزه، أو بالإشارة لتلقيه دعماً خاصاً من اتحاد اللعبة أو الحكام، أو حتى التشكيك في صدق نوايا تصرفاتهم وتصريحاتهم. هذه الممارسات تأتي في كثير من الأحيان على شكل حملات منظمة لا تخلو من بعض القصص المختلقة والتي قد تتضارب فيها الروايات في صفحتين متواجهتين ضمن نفس الصحيفة! قبل موسمين، نظمت الصحافة المدريدية حملة تشكيك واسعة في أحقية برشلونة بانتصاراته في تلك الفترة، لاسيما فوزه الشهير في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا والذي شهد طرد بيبي الشهير! وفي الموسم الماضي، حين تقدم ريال مدريد في سلم الترتيب على برشلونة بفارق مريح، بدأ الإعلام الكتالوني في استعادة اللقطات والحالات التي ساهمت بفقدان برشلونة لبعض النقاط وكذلك التي ساعدت ريال مدريد في مشواره. هذه الحملة اشتدت مع اقتراب الكلاسيكو الذي قد يقرب الفارق بين الطرفين. ولكن قبل بضع جولات من مواجهتهما فقد ريال مدريد 4 نقاط في أقل من أسبوع كانت كفيلة بإثارة حملة مدريدية مضادة تتهم التحكيم بمجاملة برشلونة وسمت ما حدث ب “الفضيحة“، فالكلاسيكو اقترب والكل يريد التأثير على الحكام. من جهتها طالبت صحافة برشلونة بإيقاع العقوبات على أطراف خرجت عن النص من فريق ريال مدريد، وعندما لم تناسب العقوبات أهواءهم أطلقوا نفس العنوان “فضيحة“! ولم تهدأ هذه الحملات إلا حين فاز ريال مدريد في كلاسيكو الدور الثاني الذي أنهى آمال برشلونة في تحقيق اللقب. اليوم، وبعد مرور 4 جولات فقط، من المتوقع وكما جرت العادة أن تبدأ صحافة مدريد باصطياد الأخطاء التي تفيد البارسا والتي تضر الريال حتى تحاول أن تؤثر على الحكام، ولكن المفاجأة هي أن صحافة برشلونة ممثلة ب “سبورت” قامت بخطوة استباقية حين أوردت في مقال لنائب مدير التحرير عن فكرة أن التحكيم قد بدأ بالفعل في استهداف فريقهم بعد أن تعالت الأصوات بانفصال إقليم كتالونيا عن أسبانيا، وذلك حين أغفل حكم لقاء برشلونة وخيتافي في مدريد 3 ركلات جزاء -على حد تعبيره- في أول لقاء يلي المظاهرات الكبيرة! تذكروا، الكلاسيكو هذا الموسم يأتي مبكراً حيث تمت جدولته في الجولة السابعة –أي بعد 3 جولات-، إذاً ترقبوا ما ستحمله الصحافة هناك خلال الأسبوعين القادمين لدعم فريقها وضرب الآخرين! ولكن لا يجب أن نغفل أنه رغم مساوئ الصحافة الأسبانية وتعصبها الأعمى، إلا أنها تولي كذلك الجوانب الفنية اهتماماً لا يقل مساحة مدعماً بتحاليل وتفاصيل وتوثيق للأرقام والإحصاءات دون هضم لحق أحد، وهذا ما يغيب عن كثير من وسائلنا الإعلامية!