قد لا تكون أوبرا عايدة أنموذجاً للأوبرا العربية؛ لأن قصتها كتبها عالم المصريات الفرنسي ميريت باشا، وكتب نصها الغنائي أنطونيو جيالانزوي، ووضع موسيقاها الموسيقار الإيطالي فيردي عام 1870م، لكن لا أحد ينكر أنها كانت نواة لتأسيس الأوبرا المصرية، بعد أن طلب الخديوي إسماعيل من فيردي تأليف الأوبرا، وأمر ببناء الدار لتكون جاهزة خلال ستة أشهر للاحتفال بافتتاح قناة السويس، وعرضت في القاهرة عام 1871م، وعلى مسرح لاسكالا بإيطاليا بعد عام. في شرق العالم الإسلامي نهضة أوبرالية تقودها أذربيجان، من خلال أوبرا «ليلى والمجنون Leyli va Macnun» التي كتبها عزيز حجي بايكوف عام 1908م، مبنية على قصة مجنون ليلى العربية، ومازالت تعرض حتى الآن في مختلف دول العالم، وآخر طبعاتها ببطولة منظوم إبراهيموف ونزاكت تيموروف، وأوبرا ألف ليلة وليلة، التي ألف ألحانها الأذربيجاني فكرت أميروف عام 1979م، معتمداً على أشعار محمد فضولي، الذي احتفلت اليونيسكو بميلاده الخمسمائة على الصعيد العالمي قبل سنوات، وعرضت على مختلف المسارح في العالم، مستفيدة من التجربة الأوبرالية الروسية، وأجواء الشرق الكلاسيكية، والمخزون التراثي العربي في الثقافة الإسلامية. قد يقول قائل إن الغناء الأوبرالي لا يدخل ضمن تراثنا الموسيقي، وإن تراثنا محصور في التخت الشرقي والتطريب، وإن الأداء الأوبرالي الذي مازال منتشراً من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب في دور الأوبرا وفي الساحات الشعبية العامة، بعيد عن ذائقة الشعوب العربية والإسلامية، ولكن هذا ينتقض بالأعمال المنتشرة في الدول الإسلامية من جهة، وبما ذكره بعض الباحثين، ومنهم هبة قواص، بأن وصف أبي الفرج الأصفهاني للمقام والقرار، وتنويعاتهما أقرب إلى الأداء الأوبرالي منه إلى وصلات الغناء الشرقي، وربما يؤيد ذلك أن أوبرا ليلى والمجنون تجسدت فيها موسيقى المقام في أسلوب عربي، وآلات مشتركة بين الثقافتين العربية والغربية.