يعاني آباء الفتيات في مركز العبلاء التابع لمحافظة بيشة، والواقع على حدودها مع منطقة الباحة، من إلحاق بناتهم بالدراسة، إذ يتوجب عليهم الارتحال كل صباح إلى قرية جرد في منطقة الباحة لنقل بناتهم إلى المدرسة الابتدائية هناك، نظراً لغياب مدرسة للبنات في العبلاء، حيث يشاهد كل يوم على الطريق الترابي الواصل بين العبلاء وجرد عشرات السيارات لآباء ينقلون بناتهم إلى المدرسة، في رحلة يومية مضنية أعيت بعض الآباء فآثروا عدم إكمال بناتهم الدراسة. وتزداد صعوبة رحلة الآباء اليومية عند هطول الأمطار التي تحول الطريق إلى برك من الوحل والطين، ما يؤدي إلى انقطاع أكثر الطالبات عن الدراسة. ويؤكد عدد من سكان مركز العبلاء أنهم سئموا من تكرار مطالباتهم لإدارة تعليم بيشة بافتتاح مدرسة للبنات في قريتهم، مشيرين إلى أن تعليم بيشة كان يرجع سبب غياب مدرسة البنات عن قريتهم إلى عدم وجود مبانٍ مناسبة، غير أنه بعد قيام مخطط سكني جديد في العبلاء الذي نهضت به عديد من البنايات الحديثة لم يشجع ذلك تعليم بيشة لافتتاح مدرسة بنات في القرية. وقال المواطن سعد المزيدي الأكلبي، «بناتنا محرومات من التعليم، ونطالب بافتتاح مدرسة بنات وإنهاء حرمان بناتنا من التعليم، فتعليم بيشة لا يستجيب لمطالباتنا على الرغم من أن مدرسة البنين افتتحت في القرية منذ عام 1399، مؤكداً أن غياب تعليم الفتيات عن القرية ساهم بشكل كبير في تفشي الأمية في أوساط النساء في القرية وهو ما حدا بتعليم بيشة لإقامة مركز محو أمية للنساء». وذكر محمد الأكلبي أن عدد سكان القرية يتجاوز ألف نسمة في باديتها وحاضرتها، وأن القرية تضم أكثر من تسعين طالبة في سن الدراسة، وقال، «يستند تعليم بيشة على معلومات خاطئة، حيث يتعلل المسؤولون فيه أن مدرسة البنات في جرد التابعة للباحة لا تبعد عن العبلاء سوى أربعة كيلومترات، وهذه المعلومة خاطئة، فالعبلاء مترامية الأطراف وتتبع لها قرى تبعد عن جرد نحو ثلاثين كيلومتراً، فتعليم بيشة يقيس المسافة من المخطط الجديد الذي لا يسكن فيه سوى نسبة بسيطة جداً من سكان العبلاء، وفي كل عام تنضم أعداد جديدة من بناتنا إلى قائمة الأمية خصوصاً اللاتي ينتمين لأسر فقيرة لا تملك سيارة ولا تستطيع دفع أجرة نقل الطالبات». من جهته، أكد مصدر في إدارة التربية والتعليم في بيشة أنه تم رفع مطالبات بافتتاح مدرسة بنات في العبلاء على الرغم من أن ضوابط استحداث مدارس لا تنطبق عليها، مشيرا إلى أن ضوابط وزارة التربية والتعليم واضحة وصريحة في استحداث المدارس ولا بد من الرجوع للوزارة وهي من يقرر استحداث المدارس، وأضاف، «المسافة بين العبلاء ومدرسة جرد للبنات قريبة، وتم إشعار التربية بوجود وادي رنية الذي يفصل بين القريتين ويشكل خطراً على الطالبات ويحول في أوقات كثيرة من العام الدراسي بين الطالبات والمدرسة». من ناحية أخرى، وصف سكان العبلاء الخدمات البلدية المقدمة لهم بالمتواضعة وأن استحداث بلدية جديدة في تبالة والثنية التي باتت العبلاء تتبع لها بدلاً من بلدية بيشة، لم يغير من الحال شيئاً، وقال المواطن سعد مسلط الأكلبي، «تشكل الطرق الداخلية في العبلاء معاناة حقيقية للأهالي، حيث تغيب عنها السفلتة والإنارة، فهي عبارة عن طرق ترابية منسية لم تتذكرها البلدية ولو بالمسح من فترة إلى أخرى، وهي القدر الذي لا مفر منه لسكان القرية الذين يسلكونها بشكل يومي لجميع شؤون حياتهم بحثَا عن الخدمات التي تفتقر إليها قريتهم». وأضاف، «الشارع الوحيد في المخطط المنفذ من قبل البلدية نفذ بطريقة خاطئة بزاوية حادة مسببًا حوادث عديدة، فمستخدمو الطريق يتفاجأون بهذا المنحنى الخطر دون سابق إنذار، كما أن مخطط العبلاء يختنق يومياً بالأتربة والغبار المنبعث من السيارات والطريق الترابي (العبلاء جرد) الذي يصل مرضانا وطلابنا وطالباتنا لجرد في منطقة الباحة والتي ارتبطنا بها قسرَا لغياب الخدمات من مخططنا وقراه، فهذا الطريق ترابي ووعر ويمر بأودية كبيرة تعزلنا وتعطل طلابنا وقت السيول ولفترات طويلة على الرغم من أهمية هذا الطريق الترابي، حيث علاوة على خدمته لمواطني العبلاء فإنه يربط محافظة بيشة بمنطقة الباحة ومحافظة بلجرشي». وعد المواطن إبراهيم الأكلبي أن تواضع الخدمات طال حتى الموتى في مقبرة العبلاء، التي تفتقر إلى سور يحفظ كرامة الموتى ويحمي قبورهم من الكلاب والحيوانات المفترسة التي تنبشها، وقال، «الأهالي متذمرون من الحالة المزرية التي آلت إليها مقبرة الموتى بعد نبش الحيوانات الضالة للقبور في حوادث متكررة وازداد الأمر سوءا بالسيول الأخيرة التي جرفت بعضها»، وأضاف، «الأمر يحتاج إلى تدخل من قبل البلدية، خصوصاً بعد تقدمنا بعدة شكاوى للبلدية ووقوف مندوب البلدية على القبور المنبوشة». من جهته، أوضح رئيس بلدية الثنية وتبالة أن خدمات البلدية تغطي أربعة مراكز هي الثنية وتبالة والجعبة والعبلاء، لافتا إلى أنها متباعدة ومترامية الأطراف، وأن خدمات البلدية تشمل العبلاء وفق إمكاناتها، مشيرا إلى أنه تمت ترسية عدد من المشروعات في العبلاء، وقال، «نعمل على تهيئة المخططات الجديدة ونظافتها، وتم اعتماد مشروعين للمقابر الجديدة ومشروع عبارة على وادي شرس، كما تمت ترسية مشروع تسوير المقبرة القديمة على مقاول سيبدأ قريباً في التنفيذ». وفي ذات الشأن، يشكو سكان العبلاء من عدم وجود مركز صحي في القرية يقدم لهم الخدمات الصحية والرعاية الأولية، ما يضطرهم لقطع مسافة خمسين كيلومترا للحصول على الخدمات الصحية والرعاية الطبية، حيث يتوزع سكان القرية بين المراكز الصحية في كل من جرد في الباحة والجعبة والثنية في بيشة، ويطالب السكان صحة بيشة باستحداث مركز صحي في القرية، على الرغم من إفادة الصحة بأنه تم إدراج مركز صحي للعبلاء ضمن خطتها الخمسية منذ سنوات. كما أكد المواطن صالح المزيدي أن المركز الصحي ليس أخر الغائبين عن العبلاء، فسكانها يشدون الرحال كل يوم جمعة لأداء صلاة الجمعة في جرد، والتي يصلونها ظهراً متى ما جرى وادي رنية وعزلهم عن جرد، وأنهم بعد مراجعات مضنية صدرت لهم موافقة بإنشاء جامع وخصصت له أرض إلا أن الوضع المادي لسكان القرية لم يسمح لهم بإنشائه. صورة عامة للمركز طريق ترابي يصل المراكز والقرى مترامية الأطراف في العبلاء (الشرق)