«يوميات درّاجة ناريّة»! هذا أول ما خطر في ذهني وأنا أتابع التغطية الإعلامية لفيلم «وجدة» للمخرجة السعودية هيفاء المنصور! فجأةً تخيّلت المنصور مع ريم عبدالله والطفلة «وعد» يتجوّلنَ على دراجاتهنّ برفقة تشي غيفارا في رحلته الشهيرة وهو يقطع فضاء أمريكا اللاتينية مع صديقه غرانادو! كنت أتخيّل رحلةً مشابهةً لهم جميعاً بربوع المملكة لاستكشافها، وللسلام على أهلها، ولرصد الحالة الثقافية النسقية من خلال عدسة المنصور! من الأكيد أن مدناً ستستقبل هذا الفريق بالورود، وستخبئ لنا الأيام بعضاً من الباقات التي غيّبت نفسها مخافةَ اتّهامها بالانحراف والتغريب! السينما حقل خطير، وتكمن خطورتها في مدى قدرتها على الكشف الحقيقي لمناطق الخلل البنيوية في الثقافة الاجتماعية، فهي فاضحة للأنساق المحافظة التي تحاول أن تئدها، أو أن تسيطر عليها وفق منظورها الأيدولوجي الخاص! وربما هنا بالتحديد تكمن المفارقة المضحكة، ففي الوقت الذي يشارك فنانونا على مستوى العالم (كما هو الحال مع فيلم «وجدة») لا نجد داراً سينمائية واحدة بالبلاد! وفي الوقت الذي تبتسم المنصور مع الطفلة «وعد» للجماهير أمام عدسات العالم بفينيسيا قد لا تجد مكاناً للتصوير! التجارب في المملكة أثبتت أن القرار السياسي متقدّم على الإرادة الشعبية، وليس العكس! وهذا ما حصل عندما دخلت المرأة في مجلس الشورى بتوجيهٍ ملكي، حيث لاقى ترحيباً شعبياً، وهذا ما سيحصل عندما سيسمح لها بأمور أخرى، وأعتقد أن هذا ما سيحدث -أيضاً- عندما سيشرّع نظاماً للسينما بإرادة سياسية!