أخيراً أدركت الولاياتالمتحدة أن ربيبتها إسرائيل ليس في وسعها -رغم قوة جيشها- أن تشن هجوماً يحقق أحلامها في القضاء على قوة إيران النووية، حيث يمثل الهجوم الإسرائيلي -إذا حدث، وهو لن يحدث- تعاملاً مع المجهول، ذلك أنه لا هي -المخابرات الأمريكية، وأجهزة التجسس الغربية- تعلم بالتفصيل، أو حتى بالمعلومات الكافية ماذا لدى طهران من مفاجآت لا تعلمها سوى القيادات العسكرية الإيرانية، والتي يتخوف الأمريكيون منها كثيراً! ورغم الضغط الإسرائيلي على الإدارة الأمريكية، وجنرالات جيشها بالمشاركة في حملتها ضد “البرنامج النووي الإيراني”، إلا أن أحداً من ذلك الجانب لم يتحمس لذلك الضغط في إدراك عسكري بأن مهاجمة إيران ليست نزهة كما يصورها الغرور العسكري الإسرائيلي الذي يريد أن “يسحب رجل” القوات الأمريكية لمعركته الشخصية! صحيح أن القدرة العسكرية الأمريكية الهائلة تملك ما تستطيع أن “تمحو به إيران” من فوق الخرائط، إلا أن المسألة ليست بتلك البساطة -وهو ما يعلمه الأمريكيون .. الإيرانيون- حيث يعمل كل من الطرفين ألف حساب للآخر رغم الضغينة التي بين الطرفين اللذين يعلمان تماماً المعنى الحقيقي لكلمة “حرب” والثمن الفادح الذي سوف يدفع فيها، مع جهل تام بنتائج التداعيات التي يمكن أن تترتب على عمل عسكري في مثل تلك المنطقة بالغة الحساسية، وهائلة القيمة الاستراتيجية التي دعت الولاياتالمتحدة إلى وضع قطع أسطولها الخامس -بصفة دائمة- فوق أمواج المياه هناك، استعداداً ليوم نرجو أن لا يأتي أبداً، ذلك أننا جميعاً -المشارك في الحرب أو البعيد عن معاركها- متضررون منها. ومن بين بعض الأفكار الخبيثة التي تدور في أذهان بعض “جنرالات إسرائيل” -وهي ما عبرت عنها التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الإسرائيلي باراك بأن الاستعدادات الإسرائيلية لضرب إيران “تفوق الخيال”- أن تبدأ إسرائيل وحدها الهجوم على ما يقال إنه برنامج نووي لإيران، اعتماداً على أن الرئيس الأمريكي -كائناً من يكون هو- لا يملك أن يترك إسرائيل وحدها في معركة بدأتها دون استشارة الجنرالات الأمريكان، وإلا أسقطه “الايباك” اليهودي في بلاده ما لم يتم اغتياله في غرفة نومه!