عقد النظام الإيراني آمالا كبيرة على مؤتمر دول عدم الانحياز المعقود في طهران، وأعتقد أنه سيحقق بعضا من الأهداف المهمة على أصعدة الداخل الإيراني والمنطقة والعالم، لكن، ومنذ اليوم الأول لعقد هذا المؤتمر، بدأت الصدمات والنكسات المتتالية تتوالى على النظام، وتضعه في موقف أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه صعب جدا. لقد حاول نظام الملالي أن يحقق من خلال مؤتمر دول عدم الانحياز، المعقود عندهم، ثلاثة أهداف حساسة تتلخص فيما يلي: 1 الإيحاء للشارع الايراني بأن النظام ما زال في كامل قوته وعافيته، وأنه يتمتع بدعم وتأييد إقليمي ودولي، من أجل أن يُهدِّأ من روع الشارع الإيراني وغضبه وحنقه على النظام وسياساته العدوانية المخيبة للآمال. 2 السعي لكسر العقوبات الدولية المفروضة عليه من خلال كسب تأييد البلدان المشاركة في المؤتمر، وإيجاد عامل ضغط على الغرب من أجل إجباره على تغيير موقفه. 3 بذل أقصى الجهود الممكنة من أجل إنقاذ النظام السوري عبر مبادرةٍ من خلال المؤتمر، من أجل ضمان عدم سقوطه، والتأثير على أوضاعه المستقبلية. لكن، بعد الخطاب الخاص للرئيس المصري محمد مرسي، الذي أكد خلاله على موقفه الرافض للنظام السوري، وما رافق هذا الخطاب من تحريف وتشويه للترجمة باللغة الفارسية، التي باتت موضع تندر وسخرية من جانب الشعب الإيراني، وبعد التصريحات التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة من إيران، التي أكد فيها على مسألة إطلاق سراح السجناء السياسيين في إيران والمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان، بات موقف النظام بالغ الصعوبة والتعقيد، وتبددت أحلامه بتحقيق الأهداف التي كان يعقدها على انعقاد هذا المؤتمر في طهران. خطاب الرئيس المصري كان في الحقيقة بمثابة صفعة سياسية بالغة القسوة في وجه النظام الإيراني الذي فُضح وانكشف تماما أمام الشعب الإيراني، الذي لطالما قام النظام بإيهامه كذبا ودجلا بأنه – أي الرئيس المصري – يؤيد مواقف النظام، ويقف إلى جانبه، وأن النظام السياسي الحالي القائم في مصر هو «انعكاس» لما يسميه الملالي الثورة الإسلامية. غير أن الرئيس المصري محمد مرسي، وضع النقاط على الحروف، وأكد في عقر دار الملالي أن مصر تتبنى سياسة مخالفة ومغايرة تماما لتلك السياسة التي ينتهجها الملالي، كما أن الأمين العام للأمم المتحدة أيضا أكد بدوره من طهران نفسها مسألة مطالبة النظام الإيراني بإطلاق سراح السجناء السياسيين، مبينا للشعب الإيراني وشعوب المنطقة والعالم أن ملف حقوق الإنسان بات من الأمور التي تهم المجتمع الدولي، وأن العالم لم يعد بوسعه السكوت عن الانتهاكات الإيرانية لحقوق الإنسان بحق شعبه، وخلاصة الأمر أن هذا المؤتمر الذي أراده النظام الإيراني «عونا له» بات رويدا رويدا يصبح «فرعونا» ضده، ويفضحه على رؤوس الأشهاد!.