يعد الحديث عن مشروع “واحة التقنية بالطائف” سابقا لأوانه، فالخطوات الأولى للمشروع لم يعلن عنها إلا منذ فترة قصيرة، والعروض التقديمية التي يقدمها المختصون لا تزال في مرحلة الإبهار النظري، ما ولّد لدى البعض شكوكا كبيرة حول مصداقية تنفيذ المشروع – الذي أرى شخصيا أنه يعد نقلة حضارية وعلمية غير مسبوقة لمحافظة الطائف بل لمنطقة مكةالمكرمة – وهذه الشكوك لم تأتِ من فراغ، فكم سمعنا وقرأنا عن مشروعات “عملاقة” ستنفذ هنا أو هناك وفي النهاية “سعيد سف الدقيق” كما يقول المثل المشهور. يردد البعض أنه لن يكون في وسعنا تصديق كل ما يقوله المسؤولون عن الواحة، فحجم المشروعات، التي قيل إن الواحة ستحتضنها، كبير وضخم إلى درجة تجد نفسك معها أقرب إلى التعاطف مع المشككين، بينما يرى البعض الآخر أنه من الواجب علينا أن نحسن النية، خصوصا أنه لم يعهد عن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية – التي تشرف على المشروع – المبالغة في الحديث عن مشروعاتها، فمن حقها علينا أن نضع سوء الظن جانبا، ونشمّر عن السواعد، ونقدح في التفكير لمساعدتها على تنفيذ ما وعدت به، وألا نركن إلى ما في ذاكرتنا من وعود معسولة سبق أن رددها بعض المسؤولين عن مشروعات لم ترَ النور حتى الآن رغم أنهم أطنبوا كثيرا في شرح عوائدها الاقتصادية والاجتماعية على الوطن والمجتمع حتى كدنا “نتشقق” من الفرح، ونجد الأمر – بعد سنوات – قد تحول إلى سراب. وأذكر هنا مشروع تطوير الهدا والشفا، الذي ظل لأكثر من عشرين عاما يتنقل بين المكاتب الاستشارية حتى انتهى الأمر بإسناد الإشراف عليه إلى لجنة وزارية ليكون ضمن مجموعة أخرى من المشروعات الحيوية لمحافظة الطائف، التي تأخر معظمها لعقود طويلة. إننا ندرك أننا نفتقد في كثيرٍ من مشروعاتنا إلى المعلومات الصادقة، وإلى الصراحة والوضوح حتى انتهى بنا الحال إلى فقد الثقة في كثيرٍ من التصريحات التي تترى علينا كل يوم. وإذا عدنا إلى مشروع “واحة تقنية الطائف” لا نملك إلا أن نشد على أيدي القائمين عليه، فالبوادر على أرض الواقع مشجعة حتى الآن، والخطوات الأولى تبعث على التفاؤل، ونتائج ورش العمل أثمرت عن تعاون كبير بين المسؤولين عن الواحة ورؤساء الإدارات الحكومية وفي مقدمتها إمارة منطقة مكةالمكرمة، ومحافظة الطائف، وأمانة الطائف، ومما يزيد من مستوى الثقة في أن المشروع سيشق طريقه دون عوائق، أنه يسير متماشيا مع الرؤية الاستراتيجية لمنطقة مكةالمكرمة، ومع خطة تطوير محافظة الطائف، أي أن المشروع لن يجد تداخلا أو تعارضا مع المشروعات الأخرى، التي ستشهدها المحافظة ضمن “الطائف الجديدة” التي تضم المنطقة الصناعية، والمطار الجديد، وسوق عكاظ، ومشروعات الإسكان. إن الآمال معقودة في تنفيذ المشروعات التنموية في المحافظة على اللجنة الوزارية العليا التي وافق خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله – على تشكيلها برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكةالمكرمة، الذي يقود مسيرة التنمية في منطقة مكةالمكرمة، التي نثق في أنها ستأخذ طريقها نحو التنفيذ، بإذن الله. إن منطلقات مشروع “واحة التقنية بالطائف” التي حددها الرئيس التنفيذي لمشروع واحات التقنية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، قد أجابت على عديدٍ من التساؤلات وفي مقدمتها توفير البنية التحتية للمشروع، التي كانت ولاتزال العائق الأكبر أمام أي مبادرات استثمارية في مختلف مناطق المملكة. كما يبدو أن المنطلق الاستثماري للمشروع يعتمد بدرجة كبيرة على استقطاب المستثمرين والشركات العالمية والمحلية – وهو ما نشر في هذه الصحيفة في شهر جمادى الآخرة الماضي نقلا عن الرئيس التنفيذي للمشروع – ” كما أن دعائم التنمية الرئيسية للمشروع تتمثل كما يقول – في اكتمال الميناء الجاف، ومجمع النقل الدولي، ومطار الطائف.. وأن التقنيات المتوقع تأسيسها في مشروع الواحة تضم الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والتقنية الحيوية، وتقنية المعلومات ..” وغيرها.. كل ذلك رائع حتى الآن .. مما يجعلنا على يقين من أن مشروع واحة التقنية بالطائف يمثل فعلا مبادرة طموحة في نقل المعرفة والتقنية الحديثة إلى المملكة، خصوصا أنه سيساهم – كما أعلن – في توفيرالأراضي الحكومية للشركات الاستثمارية “الجاهزة ” لإقامة المشروعات الصناعية والتقنية، مما سيحقق لها نسبة عالية من النجاح، ومع كل ذلك يبقى سؤال مهم يتلخص فيما يلي: متى يتم الانتهاء من هذا المشروع العملاق ؟ نتمنى ألّا تكون الإجابة ” حسب التساهيل “.