أحب الشعراء الذين يكتبون كما يتنفسون، الذين أشعر أنهم لحظة الكتابة لم ينشغلوا كثيراً بي كقارئ، كلما راحوا في سبيلهم، رحت في سلسبيلهم، فهد المساعد أحد هؤلاء الشعراء دون شك، ألتقيه هنا بأسئلتي البسيطة، التي حاولت جاهداً النأي بها عن طبيعة حوارات الساحة الشعبية، التي تسأل لتتهم أو لتصدر حكما، أو لتقوم بالعملين معا، أسأل لأعرف، لأتيقن من أشياء في داخلي كشاعر وكقارئ، وأتيقن لأمنح لشكوكي في عدد من القناعات أن تتحرك من جديد بطريقة أكثر فعالية، ولسوف أحاول تجريب هذه المسألة/ الأسئلة، مرة في الأسبوع، مع مبدعين آخرين، في مجالات أدبية و فنية متنوعة، شاكرا للشاعر المبدع فهد المساعد مساعدتي وإسعادي بموافقته أن يكون أول من أن أتشرف بمصافحته في هذه الحوارات: س: هل تتذكر اللحظة التي أيقنت فيها -أو منها- أن الشعر هو قدَرك، هل يمكن لك استعادة ذلك الشفق وحبسه -أو إطلاقه- في عبارات؟ ج: لو عرف الشاعر متى وأين التقى والشعر للمرة الأولى لسهل عليه الالتقاء معه في كل مرة، الشعر مثل الرؤيا لا نتذكر في أي منام جاءت ولا متى ستجيء، لذلك محاولاتنا لاستدراج الشعر تنتهي بنا لقصائد أشبه بأضغاث الأحلام، الشجرة لا تتذكر قطرة المطر التي أنبتتها، لكني أذكر بذرة شعر بذرها والدي بوفاته كنت حينها طفلاً أستسقي من أجلها المطر. س: متى تعرف أن قصيدة ما قد بدأت، وكيف تعرف أنها قد أنجَزَتْكَ؟ ج: عندما أنظر لمن يجلس معي ولا أجده أعرف حينها بأن هناك قصيدة تحول بيني وبينه، وأصبح أغلب أصدقائي يعرفون ذلك ويعذرونني عليه، أما عن إنجازنا لبعض فأتيقن من هذا الأمر إذا حفظت القصيدة حال انتهائي منها مباشرة. س: ما الهوايات، أو المواهب الصغيرة، التي ألقى الشعر بعصاه ونجح بالتهامها وذابت في أحشائه؟ ج: مصيبة عصا الشعر أنها لا تلتقط الهوايات والمواهب الصغيرة، بل تلتقط ماهو أعظم كاكتمال علاقة حب ناجحة مثلاً. س: هل يمكن لنا معرفة هذا الخافي الذي لابد وأنه قد حصل لك: بيت أو أكثر، قفزت بعده فرحا، وقلت: يا الله.. من أين جاء هذا؟ ج: الشاعر يعرف القصائد الجميلة لغيره كمعرفته للماء، ويجهل قصائده كجهله السراب، لذلك تكون نظرته لقصائده قاصرة، وآخر سراب أَرْواني كان: تقول أنا أكثر كل ما قلت أنا اشتقت ما تدري إن اشتقت أحلى من أكثر س: ما من موهبة تمر دون عقاب، إن كنت مؤمناً بسلامة المقولة: أي نوع من العقاب مورس عليك أو مارسته على نفسك إكراما لموهبتك المشهود لها بالبراعة؟ ج: تسمو الروح كلما أرهق الجسد، أعتقد أن الإرهاق أثناء كتابة القصيدة عقاب يتكرر. س: شعريّا: أيُّ حزنٍ لم تُسَرّ به بعد؟ ج : ما لم أستطع ستره بالشعر أرجو أن تتكرم وتعذرني عن فضحه بالنثر.