عاد (ج) من أفغانستان وسط افتخار أهله بكون ابنهم أدّى نيابة عنهم فرض الجهاد الكفائي..أقاموا له واجب الاحتفاء بالأوبة..للمفارقة حضر (دكتور ) الأدب الإنجليزي بحكم القرابة للتهنئة بالسلامة.. بعد أن سألوا الشاب (المجاهد) عن وضع بلاد الباشتون أسئلة تقليدية –لم نكن نسميه (جهاديا) كماهو الآن-! لووا رؤوسهم إلى حضرة الدكتور ليناقشه أحدهم عن معركة الحداثة والتقليد التي شغلت الوسط الأدبي المحلي إبان الثمانينيات والتسعينيات الميلادية ، خاصة بعد صدور كتاب الشيخ عوض القرني «الحداثة في ميزان الإسلام»..استطرد ليشرح لهم أشياء فهموها وأخرى تأولوها..ذكر أعلام الفريقين المتطاحنين وعلى رأسهم (الغذامي ) الذي أثار حفيظة الشاب (ج) وتململ ليعارض مع أنه كان يلتزم الصمت منذ أن عاد من بلاد الباشتون! حاول الحاضرون التهدئة متناسين أن هناك بونا وجدانيا بين من يعود من فلوريدا ومن يعود من كابل!! على صحن العشاء كان العائد من كابل ينشب أصابعه في ظهر الذبيحة لينتزع قطعة لحم كبيرة ثم يزدردها بنهم وهو يقول جملة الخلاص المعرفي : «انتبهوا من الغذامي»!.دارت الأيام دورتها، وهي الناقد الأمين، وإذا بالمجاهد السابق يتحوّل إلى عقاري لاحق يزدرد البنايات والمخططات والشقق والعقارات.. وإذا ما ذكّره أحد بماضي الزهد والخشونة ساق لهم من الحجج ما يجعلهم يتأهبون لامتياح المزيد من حيوات الدنيا!! بينما ظل حضرة الدكتور يسدد أقساط البنك العقاري الذي جاءه بعد عناء..وظل يتحاشى المرور من أمام مكتب العقار الذي يذكّره بمشهد تلك الليلة من الجدل..في صبيحة يوم قريب فوجئ وهو يقرأ المزيد من تحوّلات الغذامي عبر صحيفة الشرق جاء فيها :»الذي تبيّن لنا أن إرسالنا كان خاطئا وكان لايصل»!!