في بداية انطلاق قناة الجزيرة عبر القمر العربي في عام 96م كنت أرى البروموشن الخاص بالقناة وهو يعرض لرجل يرتدي الغترة البيضاء وله إيماءات بيده ويقول (التغيير قادم)، ويتحدث بلغة جاذبة نوعاً ما، أثار اهتمامي هذا الرجل وبدأت بالبحث عنه وأسأل من هذا؟ وكان ذلك الرجل الذي خطّ في عارضه الشيب هو الدكتور عبدالله النفيسي المفكر السياسي الكويتي الشهير، ومنذ ذلك الحين توغلت في فكره كثيراً، وقرأت له كثيراً وكنت مفتوناً ومعجباً بفكره وأطروحاته، الذي كنت أراه عقلانياً نوعاً ما بدء الأمر، وأتشوق لمتابعة حواراته وأشنف أذني تشنيفاً بإصغاء، وقد كان بالنسبة لي مقنعاً بأفكاره وقاعدته السياسية خصوصاً فيما يخص الوضع الإيراني والشيعة، ولكن على ما يبدو لي أن للزمن دوره التجاعيدي، ولربما تتجعد حتى الأفكار وتشيخ، وهذا ما تبين لنا مراراً وتكراراً، وعسى أن يخيب ذلك الظن، ولكن بالفعل ساعدتنا على تلك (الهقوة) أفكار الدكتور الدائرية التي تدور في حلقة واحدة وتعود لنفس النقطة ويقع في مطب التكرار في أفكاره التي يعيدها ويزيدها في كل لقاء تليفزيوني بدءاً ب(حكاية سنغافورة – وإسماعيل صفوي – ونظرية أم القرى ل»لارجاني» – وقصة ابن رئيس الموساد والاستيطان الغربي في شريط النفط)، بل أصبح يردد حتى التعليقات التي يصدرها بعد ذكر النقاط حرفياً، ولكن الأغرب من ذلك أن من يتذكر الدكتور سابقاً حينما كان في لقاءاته في قناة الجزيرة خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر، ومن يلاحظه الآن أنه ليست أفكاره تشيخ وتتحلحل، بل انعكس ذلك حتى على تغيير مواقفه، ففي كل لقاء جديد لابد أن يعتذر عمّا بدر منه في لقاء سابق! فإن كان لجمهور الفنانين الحق في مطالبتهم بالاعتزال من أجل حفظ ماء الوجه، فأنا كمحب أطالب الدكتور عبدالله أن يعتزل (التحليل) لحفظ ماء وجهه لكي لا يتحلحل! رباعيات: ماني منظّر أو محلل سياسي ولا أحب أدخل بأمور السياسة ما أحب أنا أشوف الفتن والمآسي مشغول ما بين العمل والدراسة