جاء في الحديث الشريف: «أمسك عليك لسانك ، وابك على خطيئتك ، وليسعك بيتك«.. كلما أفرط مجتمع ما في الكلام كلما ضعفت حواس السمع والاستبصار والتعقل، وهذا يجري على الأفراد أيضا.. ومن الشعوب التي تتكلم قليلا وتعمل كثيرا الأتراك والألمان، هذا للتدليل.. أشاهد القناة الألمانية (dw)في نسختها العربية لأقارن بين شعب يعمل ليجد فسحة اللعب في صناعة زلاجات للعشب!! بينما تعيش شعوبنا العربية في استوديوهات (الرغي) وأقصى ما تنتجه معسل الخوخ والتفاح!! ربما لأنها تناسب أجواءها الكلامية الهلامية.. عندما يفرط مجتمع في (الحكي )، وهو (شوك القلوب ) في مثلنا الجنوبي! يدخل الإنسان في مساحة الحرية لدى الغير، وينسى أدب (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )، خاصة إذا كان هذا الغير لين الطبع دمث الخلق ،بحيث يكون فرصة سهلة لاقتحام خصوصيته، الأقوياء والأذكياء فقط يتحفظون على مساحة علاقتهم الاجتماعية كي لايصابوا ب (نيران صديقة ) من التطفل والكلام.. لطالما حدثني أحد الأصدقاء من النوع الأول عن تضايقه من تدخلات غيره في شؤونه، فقريبه الفلاني يكاد بلسانه أن يقتحم غرفته الخاصة وأسراره العائلية!وجاره يتطفل على فاتورته للكهرباء ويعطيه دروسا في توفير الطاقه.. وضيف ما ينتقد طريقة التأثيث وكأنهم لم يسمعوا النهي عن (القيل والقال وكثرة السؤال)!.. حقا ما يقوله علماء الاجتماع من أن المجتمعات المتمدنة القائمة على نظرية العقد الاجتماعي من حقوق وواجبات تحقق الصالح العام أكثر من المجتمعات البدائية القائمة على التسويات وروح العائلة..في الأولى يغلب العمل وفي الثانية يكثر الكلام..