يجب أن ينشغل كل المجتمع بما يحقق أهدافه السامية التي تجعل الأمة كلها في مقدمة الأمم. إنّ هم نهضة الأمة يجب أن يكون حاضرا لدى الجميع.المسؤول المخلص،المواطن الصالح، كل عليه دور في مهمته أوعمله، المسؤول الصغير والكبير..الداعية مسؤول، الفنان مسؤول، التاجر مسؤول، من يضع السياسات التعليمية ويرسم مسار المناهج الدراسية مسؤول ،إذن الجميع مسؤول ! ولكن السؤال الذي يبدو بديهياً هو كيف تكون هذه النهضة وهذا التطور المنشود ؟ أقول وباجتهاد متواضع،النهضة والتطور يكون من خلال أشياء كثيرة، منها ما يجمعه لنا الحديث الصحيح الذي أخبرنا به نبينا عليه الصلاة والسلام الذي يقول « من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه « أو كما قال عليه الصلاة والسلام إذ إن الانشغال بغير المهم يشغل الإنسان عن الجوانب المهمة في حياته ، وعليه إذا جعل أفراد المجتمع هم نهضة المجتمع نصب أعينهم وهدفهم المنشود في كل عمل يقومون به ،سوف نصل لنهضة المجتمع وتطوره.ولنكن صريحين أن أغلب ما يدور في مجتمعنا للأسف يقع في دائرة «ما لا يعني «. المسؤول الذي يشغل إدارته في قشور العمل ويجعل لب تركيزه على أوقات الحضور والانصراف مع أهميته ولكنه ينسى أو يتناسى الأداء وجودة المخرج لهذه المنشأة أو تلك ، هذا مثال على انشغاله بما لا يعني ونسيان ما يعني.. ما يحدث لبعض الوزارات التي تجبر موظفيها على الدوام فقط في أوقات لا يوجد فيها أي عمل يقوم به هؤلاء الموظفون ولم يوفر لهم أية برامج تطويرية يمكن الاستفادة منها في هذه الأوقات.هذا مثال معاش على إهدار الوقت فيما لا يعني .الإمام الذي يكرر خطبة أو يتحدث بشيء يدرك أن مستمعيه قد عرفوه هو أيضاً يتحدث بما لا يعني، الفنان الذي يتعب نفسه على القيام بعمل تمثيلي ويخرج عمله مخالفاً لثوابت وتقاليد المجتمع هو معول هدم ويكون عمله فيما لا يعني ،ما يحدث في بعض المجالس الأدبية والملتقيات وبعض الاجتماعات الدورية التي تعقدها بعض المنشآت التي لا يكون فيها إلا استنزاف هذه الإدارة أو المنظمة، حتى استقبالات المسؤولين إذا لم توظف في فائدة الأمة قد تكون مما لا يعني. جلسات السمر مع الأصدقاء التي لا يوجد بها إلا لغو الحديث وتثبيط الهمم وتحقير العزيمة هي من الذي لا يعني.. من يقوم بتأليف الكتب التي لا فائدة فيها إلا تصيد أخطاء الآخرين والنيل منهم هي من الجهد الخاسر. من يقومون بالكتابة بالمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي الذي يكتبون فقط للتنابز وعرض الأفكار المشينة التي تنقص من إيمان المسلم كالكذب ونشر الشائعات المغرضة وتتبع أخطاء الآخرين هي أيضا مما لا يعني وهي مما يصب في تخلف الأمة..المسابقات التي طغت في الآونة الأخيرة كالمسابقات التلفزيونية التي هدفها الربح فقط كمسابقة ستار أكاديمي ومشتقاته كمسابقات الشعر وكذلك مسابقات مزاين الحيوانات، تارة تكون الإبل وتارة أخرى تكون من فصيلة الطيور وغيرها ،كلها لا تمت إلى نهضة الأمة بشيء بل تجلب عليها الخسائر المادية وتيقظ الأحقاد والتفاخر بالأموال والبذخ بين أفراد المجتمع ،وكذلك المزادات التجارية لمقتنيات الفنانين والمشهورين وحتى لو جملت بغطاء إيجابي عندما يقال أن ريعها لصالح جمعية كذا وكذا جلها أيضا تسبب فساد وتأخر الأمة لنكن جادين وعلينا الانشغال وإشغال مجتمعنا بما يصب في نهضة الأمة، كل فيما يقوم به من عمل على الوجه الأكمل وعلينا أن نجعل نهضة مجتمعنا والأمة في رسالتنا التي نسير معها وأن نجعل ذلك هدفاً لنا،سواء أكان مجالنا تجاريا أو فنياً أو دينياً أو أيا كان نوع المجال الذي يهتم به أحدنا، إذا نحن فعلنا هذا حتما ستتكامل جهودنا وتتكاتف أعمالنا وتصب في هدف واحد ،وعليه سوف نصل بإذن الله إلى رفعة مجتمعاتنا وأمتنا، وإذا لم نفعل ما سلف ذكره ستتناقص وتتقاطع أهدافنا وسنكون لبعضنا كما يقال «أحدنا يبني وآخر يقوم بالهدم «وتصبح أعمالنا تدور في حلقة مفرغة لن نخرج منها طالما أننا لم نعمل سوياً في سبيل نهضة بلادنا وأمتنا.