وكان على البلتاجي – قبل «غضبته المضرية» تلك أن يجيد قراءة نتائج الانتخابات التي جرت لاختيار الرئيس المصري، وهي القراءة التي تقول إن الفرق في الأصوات بين مرسي الذي فاز، وشفيق الذي فشل ليست أكثر من بضعة أبناط تعد على أصابع اليد الواحدة، وهو ما يؤكد أن نصف المصريين الذين شاركوا في الانتخابات لا يريد مرسي، وأن نصفهم الآخر لم يكن يريد – بنفس القدر- الفريق أول القادم من «حواري مبارك» متصورا إمكانية إعادة القديم، وبذلك يكون مرسي فاز بالمنصب «على الحركوك» أي بالعافية ضمن رغبة المصرية –حسنة الظن- أن إنجاح مرسي قد يكون أفضل كثيرا من أن تعلق على قوائم الانتخابات نتيجتها بعبارة التلامذة؛ لم ينجح أحد ..! وبمنطق الثوار الذي لم يكن هو بالقطع واحدا منهم فقد وجه إلى قائده القديم مرسي فور تشكيلة للوزارة التي سقط منها البلتاجي نفسه عدة أسئلة محرجة منها أنه اختار لتلك التشكيلة عددا من الفلول بينهم –بالاسم- المشير طنطاوي، ووزيرة التأمينات، ثم وزيرة البحث العلمي، وختاما بوزير المالية «ممتاز سعيد». ولأنه لم يتلق إجابة من رئيسه السابق –ورئيس المصريين الحالي- على كل تساؤلاته الخبيثة تلك، وإن ألبسها ثوب براءة التساؤلات، فإن «غضب الرجل» قد زاد ليوجه إلى مرسي سؤالا أكثر فجاجة مؤكدا أن تشكيلة حكومة مرسي الجديدة تلك سوف تطفئ كل أهداف ثورة يناير، بل إن الهدف منها هو القضاء نهائيا على تلك الثورة، ويعني هذا السؤال أن البلتاجي يحمل بأقواله تلك «راية التمرد» الإخواني والعصيان، إلا أن البلتاجي قد فوجئ باستنكار كل رفاقه السابقين في الجماعة المحظورة، الذين رأوا أن وصول مرسي إلى كرسي العرش هو نجاح ساحق لمساندتهم له، حتى لو كانت تلك المساندة –كما هم متأكدون- على غير رغبة المصريين ولا هواهم، وأن هبهبة البلتاجي المقروح من نسيانه في التشكيل قد تسيئ إليهم أكثر مما تضيف، بل إن البعض قد اعتبرها عصيانا غير مقبول من أحد القيادات الإخوانية التي ألهتها الانتهازية الشخصية عن القاعدة التي تربت عليها الجماعة منذ أيام «حسن البنا» على السمع والطاعة لسنين طويلة. يبدو أننا نشهد الآن نهاية تلك القاعدة التي عاشت لأكثر من ثمانين عاماً.!