من ينظر لما تشهده المنطقة العربية بشكل خاص، والدول الإسلامية بشكل عام، من تفرق وتشتت وارتفاع لنبرة الخطاب الطائفي، واستغلال الاختلافات المذهبية لتغذية الصراعات السياسية، يدرك بوضوح أهمية دعوة خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – في القمة الإسلامية الاستثنائية في مكةالمكرمة لتأسيس مركز للحوار بين مذاهب الدين الإسلامي. فالخلاف بين أتباع المذاهب في الدول الإسلامية بلغ أشده حتى أصبح الانتماء المذهبي يؤدي إلى التصنيف التلقائي، والاصطفاف في هذا الجانب أو ذاك، وأصبح العداء بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم يتفوق على عدائهم لبقية شعوب العالم من أتباع الديانات الأخرى. وأيضا فإن ما يتعرض له المسلمون في عدة دول من اعتداء وتهجير ومذابح لم يكن ليحدث لو كان المسلمون متحدين على موقف واحد ورأي واحد، بدلا من حالة التشرذم والتفرقة التي يعيشونها، والتي لم تقد إلا إلى اهتزاز صورتهم أمام العالم وشعوبه، والجرأة عليهم سياسيا واقتصاديا وعسكريا. إن دعوة خادم الحرمين سواء من مصدرها الذي هو قائد أهم دولة إسلامية أم من مكانها في أطهر بقاع الأرض، أم في توقيتها حيث أكثر الأيام قداسة لدى المسلمين تحتل أهمية كبرى، وتجد صدى مرحبا لدى كل مسلم يعلم أن اجتماع المسلمين على كلمة سواء، وتوحدهم ونبذهم الخلافات، فيه عزة لكل فرد منهم، ومن هنا كانت مناشدة خادم الحرمين لقادة دول العالم الإسلامي، واستحلافه لهم كي يكونوا على قدر المسؤولية، فهم إنْ تجاوبوا مع دعوة خادم الحرمين فسيكونون قد تجاوبوا أيضا مع طموحات ورغبات شعوبهم، التي اجتمعت في مكةالمكرمة وفي شهر رمضان المبارك على قلب واحد وفي بقعة واحدة، تاركين وراءهم كل خلاف أو تفرقة، ولعل الحكام أولى بالسير على خطى شعوبهم. إن خادم الحرمين الشريفين يثبت من جديد أنه يحمل هموم هذه الأمة بين أضلعه، ويسعى لما فيه خيرها وصلاحها، ويريد لها التقدم والازدهار بعيدا عن الحروب والخلاف والأزمات، وهو إذ يبسط يده لقادة دول العالم الإسلامي داعيا إلى كلمة سواء، ويبادر كعادته دائما للسعي لتعزيز التوافق ودعم الوحدة بين المسلمين، يقدم فرصة يجب على كل قائد لكل دولة إسلامية التشبث بها، فالمذاهب الإسلامية باقية ما بقي المسلمون ولا حل للتوفيق بينها إلا الحوار وتقريب وجهات النظر، وهو منهج رسخه خادم الحرمين وجعله مبدأ عالميا