اعترف رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران، بوجود ملامح أزمة اقتصادية تطل على المغرب، مؤكداً أن بلاده تجتاز مرحلة صعبة «لكن الوضعية المالية متحكم فيها إلى حدود نهاية السنة الجارية»، موجهاً انتقادات لاذعة للمعارضة التي وصفها بأنها تطالب حكومته «بعلم الغيب، والمستقبل لا يعلمه إلا الله». ووجّه بن كيران اتهامات مباشرة إلى الحكومة السابقة، التي كان يرأسها حليفه الاستراتيجي عباس الفاسي الأمين العام لحزب الاستقلال، بتقديم أرقام مغلوطة ونهج سياسة إخفاء الحقيقة، موضحاً أن حكومته صادفت أزمة أكبر مما كانت تتوقع، مبرزاً أن الحكومة لن تلجأ إلى نهج سياسة التقويم الهيكلي لمواجهة تداعيات الأزمة، كما حصل خلال بداية الثمانينيات، مؤكداً خلال الجلسة الشهرية لمجلس النواب لمساءلة رئيس الحكومة، المخصصة للسياسة العامة، أن أسباب الوضعية الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المغرب، تعود إلى ما يعرفه العالم من أزمة اقتصادية صعبة، والسياسة الاقتصادية التي كانت متبعة من طرف الحكومات السابقة، وتأخر بعض الإصلاحات المتعلقة بأنظمة التقاعد والمقاصة، وارتفاع استهلاك المواد المستوردة، بالإضافة إلى نفقات صندوق المقاصة التي بلغت 118 مليار درهم خلال الفترة ما بين 2008 و2011.وأكد بن كيران أن حكومته اتخذت مجموعة من الإجراءات على مستوى تقليص عجز الميزانية وضبطه في حدود 5%، في الميزانية التي اعتمدت في القانون المالي، عن طريق التطبيق الجزئي لنظام المقايسة ابتداء من شهر يونيو الماضي، على أسعار بعض مواد الطاقة، ما سيمكن من توفير حوالي 5.7 مليار درهم وتعزيز دور المصالح الجبائية والجمركية في مجال تحصيل الباقي واستخلاصه، التي ستمكن من إنجاز مداخيل إضافية بحوالي 2.8 مليار درهم، مشيراً إلى أنه تم أيضاً اتخاذ تدابير ترمي إلى تحقيق اقتصاد في النفقات٬ خاصة عبر ترشيد نفقات التسيير وربط التحويلات لفائدة المنشآت العامة حسب الإمكانات المتوفرة في خزينتها وبوتيرة إنجاز المشروعات الموكلة إليها، ما سيمكن من اقتصاد عشرة مليارات درهم.وكانت فرق المعارضة حذرت في الجلسة ذاتها من نهج سياسة التقويم الهيكلي ورهن المغرب في يد المؤسسات المالية الخارجية، لما سيكون له من انعكاسات اجتماعية خطيرة، ووجهت المعارضة انتقادات للحكومة بلجوئها لإغراق المغرب في الديون الخارجية، كما وصفت الأرقام التي قدمها وزير الاقتصاد والمالية بأنها «صادمة ومخيفة».وأجمعت جميع الفرق النيابية للمعارضة على أن الوضعية التي وصل إليها الاقتصاد المغربي هي نتيجة لغياب رؤية واستراتيجية واضحة للحكومة، مؤكدة وجود تضارب في الأرقام المقدمة من طرف وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة، والوزير المنتدب في المالية إدريس الأزمي، وكذلك تناقض الأرقام المقدمة من الحكومة مع أرقام وإحصائيات المندوبية السامية للتخطيط.