هاتفتني إحدى قريباتي التي تسكن خارج المملكة العربية السعودية بسبب عمل زوجها للبحث لهم عن مسكن في مدينة الرياض بغرض الاستقرار في العاصمة، وكانت تجربة جديدة بالنسبة لي تعرفت من خلالها على الأسعار الخيالية للإيجارات داخل مدينتي التي تكاد تسلب المواطن نصف راتبه بينما تتكفل شركة الكهرباء والهاتف والتجار بباقي الراتب ليعيش المواطن بقية الشهر مفلساً أو يبحث عمن يقرضه بعض المال حتى يوفر قيمة الوقود لسيارته واحتياجات عائلته وأطفاله. قضية ارتفاع الإيجارات تؤرق بال الكثيرين فليس الجميع بقادرعلى مجاراة طمع وجشع الملاك ودفع هذه الإيجارات المبالغ فيها التي قد تصل إلى مبالغ خيالية قد لا يصدقها العقل فأثناء بحثي عن منزل وجدت أدوارا تصل إيجاراتها إلى 35 ألفاً رغم أن بعضها تعاني الإهمال وعدم الصيانة ورغم هذا يطالب الملاك بمبالغ كبيرة لا تتناسب مع حالة المسكن وموقعه ويضطر البعض للدفع بسبب حاجته الماسة لمنزل يحتويه وأسرته، وإذا كانت هذه الإيجارات في مناطق كجنوب غرب الرياض فكيف الحال بشمال وشرق مدينة الرياض! هذه الرحلة الطويلة في البحث عن مسكن لقريبتي جعلتني أشعر بمأساة الباحثين عن مساكن لهم ولعائلاتهم ومعاناتهم من الإيجارات المرتفعة التي أصبحت كالكابوس الذي يقض مضاجع الكثير من المواطنين، وخاصة أن معظم السعوديين يعيش في منازل مستأجرة، فمشكلة السكن والإيجارات تعد من أبرز الموضوعات التي تنال حيزا كبيرا من اهتمام المواطنين وتناقش بكثرة على صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي، فهي تمس شريحة كبيرة من المواطنين – خاصة أصحاب الدخل المحدود- الذين يعانون الأمرين بسبب ارتفاع الإيجارات التي تستنزف رواتبهم وتدفع بهم للاستدانة، وخاصة أن بعضهم راتبه لا يكاد يتجاوز 3000 ريال. فبالله عليكم كيف يستطيع رب الأسرة براتب 3000 أو حتى 4000 ريال تدبير أموره والإنفاق على أسرته ناهيك عن استئجار مسكن له ولعائلته؟! فإما أن يسرق أو يقبل بالرشوة ليعيش أو يعاني في تدبير احتياجات أهل بيته مما يضطره للاستدانة تحت إلحاح الحاجة.