يختار «مسنّون» قضاء أيامهم الأخيرة في «المسجد الحرام» بمكةالمكرمة، متناسين هموم الحياة، وعقوق الأبناء، بعد جمعهم مبالغ مالية تكفي لضمان استقرارهم في «الحرم» المكي الشريف، فيفترشون في ساحات «الحرم المكي» الشريف، يتناولون ما يقدمه لهم المحسنون، ويشربون «ماء زمزم». انتظار الموت والتقت «الشرق» الحاجّة السبعينية أم العفراء، بينما كانت مستلقية قرب دورة المياه المقابلة لساحات الحرم، مرتدية خماراً أبيض طويلاً، فقالت «لم أرزق بأبناء، لكنني لقبت ب(أم العفراء) في بلدي (المغرب) قبل ستين عاماً، حين كان عمري 15 ربيعاً، وتعددت زيجاتي، إلا أنها جميعاً باءت بالفشل»، وأشارت إلى ادخارها مبلغاً من عملها ك»خادمة» لسنوات، حيث كانت تنوي الاستقرار في بيت الله الحرام، ولم تعد تشعر بطعم الحياة بعد فقدها أهلها، وباتت تنتظر الموت في مكةالمكرمة. تبرعات المحسنين واختار الوافد أبوعمر البقاء في بيت الله، ليرتوي من «زمزم»، ويتناول ما يجود به المحسنون عليه، حين يوزعون «الأطعمة» على زوار الحرم، وأحياناً يتبرع له أحد الخيرين ببعض المال يشتري به طعامه. بينما لا تجيد حاجّة تشادية اللغة العربية، تناولت تمرات أخرجتها من قطعة قماش، ثم استلقت، وحين سألتها «الشرق» عن رغبتها في البقاء، أجابت بصعوبة شديدة «تشاد لا ما في كويس، سعودي كويس». ويبين الحاج أبومنصور، من دولة عربية مجاورة، أن المرض أنهك جسده، وكان بحوزته مبلغ بسيط يكفيه كي يشتري غذاءه، ولكنه سُرِقَ أثناء نومه، إلا أن الله عوضه بضعف المبلغ المسروق، ويتناول حالياً «ماء زمزم» كي يعالج نفسه به، ولا يدفعه غضب أبنائه من إقامته في المسجد الحرام للتراجع. مخالفة شرعية وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام، عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فضيلة الشيخ إحسان السمان، أن هذا السلوك مخالف للشرع والنظام، وكأن هؤلاء المفترشين يحددون مصائرهم، ويتهربون من الموت، والله تعالى يقول «لا تدري نفسٌ بأي أرض تموت»، فالله يختار مكان ووقت قبض أرواحهم، مضيفاً أن هذا «قنوط» من رحمة الله، وأن الله جعل بيته المقدس مكاناً للعبادة من حج وعمرة، لا مكاناً لقبض الأرواح. ويضيف الشيخ السمان، بأن تكدس الناس في هذه البقعة يتعارض مع المصلحة العامة، وليس لقبض الأرواح، وللمصلحة العامة وعدم تكدس الناس في هذه البقعة المباركة، مطالباً بترحيل المفترشين فوراً، كما ينصحهم بمغادرة الحرم بمجرد انتهاء الحج أو العمرة، فأهلهم أحق بصحبتهم، مشدداً على أن القرب من الله بالعمل الصالح، وليس بالمكان، فهناك من يقطن في بلاد الكفر والفسق ولكنه يتحلى بالدين وحسن الخلق، وينال رضا الله.