أكتب مقالي بُعيد ترجّلِي وقيامي مُكْرَهاً من على سفرة الإفطار، حيث كنتُ أرى ما لذّ لي وطاب، لكنّ نفسي أبت أن تشتهي الأكل في الظلام حتى وإن كانت صائمةً كل النهار، ولن أقول سامح الله من كان سببًا في قيامي؛ لأنّ مَن يقف خلف هذا السبب بيدها الأمر، لكنّها تمادت وتمادت. عزيزتي شركة الكهرباء: كنتُ أتمنى أن تخبريني بمواعيد انقطاع التيار لكي أستعد بأخذ الحيطة والحذر جرّاء ما ينتجه الانقطاع المفاجئ من ارتباك داخل البيت ناهيكِ عن تلف الأجهزة الكهربائية، ولو كنتُ أعلم لاحتفظتُ بقنديل جدتي الذي كان يضيء حجرتها الحجرية، لكنّ هذه الفكرة لم تخطر ببالي سوى هذه الأيام التي بلغ فيها السيل الزبى، ولا أسمع إلا أنين مشتركيك وشكواهم، وإن قُلْتِ لي: لِمَ تشتكي؟ لقلت: شكوتُ وما الشكوى لمثلي عادة، لكن تفيض العين عند امتلائها. ليس انقطاعك مرّة أو مرتين كي ألتمس لك العذر بل مرات ومرات خلال أربع وعشرين ساعة فقط. أليس لديكِ حلول لهذه المشكلة؟ علمًا أنّ هذه المشكلة المؤرقة معلومةٌ لديكِ منذ أزمانٍ بعيدة، وقبل ميلادي وقبل أن يولد أكبر مشتركيك! أين التطور الذي تباهيتِ به عبر الصحف، لم نر شيئًا، انقطاع تلو انقطاع، واشهد يازمن. هل تعلمين أيتها الشركة أن أخطاءك فادحةٌ قد لا تغتفر؟ إنْ كنتِ جاهلةً بأخطائك المتكررة فلكِ أن تعلمي أن الناس يتأخرون عن الصلاة في المساجد لعدم سماعهم الآذان، كما أنهم يحتارون في موعد الإفطار أيام رمضان، كذلك يعتادون على قراءة القرآن في المساجد نهار رمضان والحرّ يخرجهم، ولكِ أن تعلمي أنّ ثمّة طلاب أخفقوا في تحصيل درجات عالية بسبب انقطاع التيار الكهربائي فترة الامتحانات، ولكِ أن تعلمي وتضعي هذه المعلومة في عين الاعتبار أنّ في البيوت مرضى يعيشون على الأجهزة الكهربائية. قد أستطيع إحضار بدائل للإضاءة، كما أفعل الآن لأكتب هذه الكلمات، ولكن كيف لي أن أحضر بديلاً للهواء، أرجوك أرشديني إلى حيث يشتريه مسؤولوكِ – إن كان يمرّ بهم ما مرّ بي- لأشتريه. أكتبُ وأرى صغيرتي تئن من الحرّ، وشح الهواء بعدما كانت نائمة. أكتبُ وأرى السوائل تنساب من ثلاجة المطبخ بعدما كانت مثلجة كما هي مشاعر مسؤوليك؛ ولو كانت مشاعرهم حارة لما دامت المشكلة، أكتب وأنا أتذكر فعلتك المشينة في يوم عيد الفطر المبارك من العام الماضي عندما انقطع التيار الكهربائي ضحى فأفسد بهجة العيد. أكتبُ متذمرًا كما يكتب غيري ولكن لا حياة لمن تنادي، ولو نارًا نفخنا بها أضاءت…. ولكن نحن ننفخُ في رمادِ.