تعرضت غالبية مسلسلات رمضان لهذا العام لشخصية رجل الأمن، وانقسمت بين غالبية تدين تجاوزات الأجهزة الأمنية، وأقلية تحاول تحسين صورة رجل الأمن التي تدهورت في عين المواطن المصري بعد ثورة 25 يناير. وكما أن وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم فرض ظهور كثير من شخصيات الإسلام السياسي والشخصيات السلفية في المسلسلات، كذلك برزت في عدد من المسلسلات صورة رجال الأمن وتحالفاتهم مع رجال الأعمال، وذلك على إثر ما أفرزته الثورة المصرية من إدانة للأجهزة الأمنية وحديث عن دورها السلبي القمعي. ومن أبرز المسلسلات التي حاولت تحسين صورة أجهزة الأمن، “خطوط حمراء” لأحمد شفيق، وتأليف أحمد أبو زيد، الذي يصور تضحية الضباط في ملاحقة المجرمين، ويؤدي أحمد السقا دور ضابط أمن يطارد مهربي الأسلحة، ويدفع ثمن ذلك حياة زوجته انتقاماً، كما يواجه حملة لتشويه صورته، ويتعرض لخداع المخبرين. أما المسلسل الثاني الذي يسير ضمن هذا المسار، فهو مسلسل “باب الخلق” لعادل أديب، وبطولة محمود عبدالعزيز، وهو يقدم صورة رجال أمن الدولة، وهم يتعاملون مع المقبوض عليهم بمنتهى الإنسانية، مما أثار حفيظة النقاد. فقال الناقد أشرف بيومي “كثير من التقارير من لجان حقوق الإنسان، وفي الصحافة المصرية، كانت تشير إلى تعذيب غير مسبوق شهدته زنازين المعتقلات، وخصوصاً المعتقلين السياسيين، عدا عن التعذيب الذي كان يتعرض له السجناء المدنيون في أقسام الشرطة”. وأضاف: “شهدت السجون قتل العشرات من المواطنين تحت التعذيب، دون أي إثبات على إدانتهم، مثلما حصل مع خالد سعيد الذي اعتبر مقتله شرارة من شرارات اندلاع أحداث 25 يناير”. واعتبر الناقد طارق الشناوي أن هذه الصورة التي قدمها المسلسلان “قد عفا عليها الزمن، وليست مقبولة من الجمهور” مشيراً إلى “ضعف الإقبال” على مسلسل خطوط حمراء، في حين ارتبط الإقبال على مسلسل باب الخلق بشخصية محمود عبدالعزيز. أما المسلسلات التي قدمت صورة مغايرة للأجهزة الأمنية، فيقف على رأس قائمتها مسلسل “فرتيجو”، وهو الثمرة الثانية لتعاون المؤلف محمد ناير، والمخرج عثمان أبو لبن، بعد مسلسل “مواطن إكس” الأفضل في دراما رمضان العام الماضي. وفي المسلسل الجديد يقدم الكاتب، استناداً على رواية بالاسم نفسه لمحمد علاء، رؤية جديدة تعمل على “فضح كثير من التجاوزات التي واكبت الفساد الذي عاشته مصر في عهد مبارك، وانتقل بسلاسة إلى هذا الرباط المقدس الذي جمع بين أهل السلطة وأهل المال”. وبحسب الشناوي، فإن المسلسل يتعرض أيضاً “لتواطؤ الأجهزة الأمنية لحماية تلك المصالح المشبوهة، بما في ذلك تشكيل فريق اغتيال للمنافسين والتحضير للفتن الطائفية”. أما مسلسل “الأخت تريز”، فيحمل إأضافة جديدة عما جاء في “فرتيجو”، من خلال تعرضه لأحداث الفتنة الطائفية في صعيد مصر بسبب ممارسات السلطة بالتواطؤ مع الأجهزة الأمنية. ودخل مسلسل الهروب على موضوع الثورة والاعتقالات العشوائية، وذلك من خلال شخصيات تبحث عن لقمة عيش نظيفة، ولا تجد من يمد لها يد العون. واعتبر الشناوي أن “أغلب المسلسلات والأفلام التي تعرضت للبطالة لم تصل أبداً إلى إدانة النظام الفاسد، ولم تشر إلى تعذيب السجناء غير السياسيين” بخلاف هذا المسلسل الذي ألقى الضوء على هذه الأفكار. ويكشف مسلسل “الطرف الثالث” لمحمد بكير، وتأليف هشام هلال، عن دور الأجهزة الأمنية في الاستفادة من حالة الفوضى التي رافقت ثورة 25 يناير، من خلال شخصية أحد كبار الرجالات في الأجهزة الأمنية. أما مسلسل “البلطجي” لخالد الحجر، وتأليف أسامة نور الدين، وبطولة آسر ياسين، والفنانة السورية كندة علوش، وسامي العدل، وسلوى خطاب، والعشرات من الوجوه الجديدة، فهو حسب أشرف بيومي “يكشف آلية العلاقة بين الأجهزة الأمنية ورجال الأعمال والبلطجية وكيفية استثمارهم في الانتخابات، وتأديب من يشذ عن الرؤية التي يريدونها”. وأضاف “استطاع المسلسل أن يقدم آلية حقيقية لنمو البلطجة واستخدامها سياسياً في مواجهة المجتمع، أو أي تطوير”. كما تمكن المسلسل من إلقاء الضوء على شخصية البلطجي الغارق عموماً في المخدرات والتهريب، والذي يقتات على الأتاوات التي يفرضها في منطقته. أ ف ب | القاهرة