فاجأ الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الرأي العام في اليمن بقرارات جريئة حازت ترحيبا واسعا في أوساط المجتمع وبين التيارات السياسية في الوقت الذي كان الجميع يتوقع فيه انهيار التسوية السياسية ودخول البلاد في دوامة الصراعات الناشبة بين مراكز النفوذ. هادي أصدر قراراً جمهورياً بتفكيك الفرقة الأولى مدرع التي يقودها القائد العسكري الأكثر نفوذا وتأثيرا في مجريات الأحداث اللواء علي محسن الأحمر. وجاء تفكيك الفرقة بعد فصل ألويتها الموجودة في صنعاء وتعز وعدن ولحج وأبين وإلحاقها بمناطق عسكرية موزَّعة جغرافيا حسب وجود كل لواء في منطقته، حيث تم فصل خمسة ألوية تابعة للواء الأحمر وإلحاق ثلاثة منها بالمنطقة العسكرية الجنوبية ولواء واحد بالمنطقة العسكرية الوسطى أما اللواء الخامس، وهو أكبر ألوية الفرقة والموجود في العاصمة صنعاء، فتم ضمه إلى قوات حماية الرئيس. وأنهت قرارات هادي وجود الفرقة الأولى مدرع التي كان يقودها اللواء الأحمر إلى جانب المنطقة الشمالية الغربية إحدى مناطق الجيش اليمني الخمس التي يديرها الأحمر منذ سنوات طويلة. كما نصت قرارات الرئيس هادي على فصل سبعة ألوية من الحرس الجمهوري وإلحاقها بالمناطق العسكرية الجنوبية والوسطى، حيث تم ضم ثلاثة ألوية إلى المنطقة الجنوبية ولواء رابع إلى الوسطى وثلاثة ألوية إلى قوات الحماية الرئاسية إلى جانب اللواء الذي تم ضمه من الفرقة الأولى مدرع لتتشكل قوات الحماية الرئاسية بذلك من أربعة ألوية ثلاثة منها من قوات قائد الحرس الجمهوري العميد أحمد علي صالح ولواء من قوات علي محسن الأحمر. تحجيم نفوذ وبصدور هذه القرارات يكون الرئيس هادي حجَّم من نفوذ الأحمر وأحمد صالح خارج العاصمة وجنوب اليمن حيث خرجت محافظة تعز عن سيطرة الحرس الجمهوري بضم لواء الحرس فيها إلى المنطقة الجنوبية التي يقودها أحد المقربين من الرئيس هادي، كما تم إنهاء وجود اللواء الأحمر في تعز بضم قواته في المحافظة إلى المنطقة الجنوبية. وفقد اللواء الأحمر وجوده في جنوب اليمن، حيث خرجت كل الألوية التي كانت تابعه له في لحج وأبين وعدن من تحت إمرته وتحولت إلى المنطقة الجنوبية. وبموجب القرارات الجديدة لم يعد لنجل الرئيس صالح وجود فعلي في محافظات تعز وأبين ومأرب وشبوة حيث كانت تتوزع في هذه المحافظات أربعة من أقوى ألوية الحرس الجمهوري. كما نزع الرئيس هادي سيطرة نجل صالح على دار الرئاسة حيث فصل ثلاثة ألوية عنه وضمها إلى قيادته شخصيا كقوات حماية خاصة، وكان يقود هذه القوات سابقا نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح وكان يطلق عليها الحرس الخاص. يذكر أن الرئيس هادي لم ينتقل حتى الآن إلى دار الرئاسة وما زال يسكن في منزله بشارع الستين الذي اتخذه مناهضو سلفه مكانا للصلاة يوم الجمعة في المنطقة الواقعة تحت سيطرة اللواء الأحمر. فيما ظلت دار الرئاسة تحت سيطرة نجل صالح حتى صدور هذه القرارات التي اعتُبِرَت خطوة في اتجاه تحجيم نفوذ طرفي الصراع الأحمر ونجل صالح وتخفيف حجم القوات التي تتبع كل طرف تمهيدا لإعادة هيكلة الجيش اليمني وتحويله إلى مؤسسة وطنية بعيدا عن الولاءات الشخصية حسب خبير عسكري تحدث ل «الشرق» واعتبر هادي موفقا إلى درجة كبيرة في قراراته. وقال الخبير العسكري إن الرئيس هادي بهذه القرارات احتوى صراعا جديدا بدأ يطل من جنوب وشمال اليمن بين اللواء الأحمر والعميد أحمد علي صالح، وهو ما كان سينسف عملية التسوية السياسية التي أقرتها المبادرة الخليجية. وأضاف الخبير العسكري، الذي كان أحد قيادات جيش الجنوب، أن هادي بنزع وجود الطرفين من الجنوب وتعز ومنطقة النفط في مأرب وشبوة يكون قطع الطريق أمام اللواء والعميد وحال دون تحكمهما في مصير البلاد وأبقى على وجودهما في العاصمة مؤقتا حتى الانتهاء من مؤتمر الحوار الوطني تمهيدا لإقالتهما. الأحمر يرحب من جانبه، رحب اللواء علي محسن بقرار هادي فور إعلانه مباشرة غير أن نجل صالح لم يعلن موقفه واعتُبِرَ صمته رفضا غير معلن. وأكد اللواء الأحمر تأييده لتلك القرارات التي وصفها بالوطنية والشجاعة، معتبرا في برقية بعثها للرئيس هادي أن تلك القرارات تخدم الوطن وتعيد اللحمة للوحدات والمناطق العسكرية وتحقق الانضباط وتهيئ الظروف المناسبة لإعادة هيكلة الجيش بما يخدم مصلحة الوطن وفق رؤية وطنية علمية على غرار التشكيلات العسكرية الحديثة، مبديا استعداده لتنفيذ أي قرارات تصدر عن رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة. وكان الرئيس هادي دعا الأسبوع الماضي قائد الحرس الجمهوري إلى مأدبة إفطار واصطحب معه اللواء علي محسن في زيارته الأخيرة لدولة قطر الأمر الذي اعتبره الشارع اليمني محاباة من هادي للطرفين لكسب ودهما غير أن القرارات الأخيرة غيرت هذا الاعتقاد وأعادت الأمل إلى نفوس اليمنيين بقدرة الرئيس هادي على مواجهة مراكز النفوذ في صنعاء وإنهاء سيطرة عدد محدود من القادة العسكريين على مقاليد القرار في عدد من مؤسسات الجيش والحكومة. قرارات مالية وإلى جانب القرارات العسكرية، أصدر الرئيس قرارات جمهورية قضت بتغييرات في مؤسسات مالية حيث تم تغيير قيادات البنك المركزي اليمني والبنك الأهلي وبنك التسليف التعاوني إضافة إلى شركة التبغ الوطنية التي أبعد عن إدارتها نجل شقيق الرئيس السابق وعيَّن بدلا عنه أحد الوزراء السابقين الذين انضموا للثورة..