تونس – علي قربوسي المدينة تعاني ارتفاعاً مفرطاً في أعداد الجامعيين المعطَّلين. شباب أم العرائس: لا نسعى لتعجيز الحكومة وإنما نطلب حقوقنا. تحتل تونس المرتبة الرابعة على مستوى العالم في إنتاج الفوسفات بمعدل 6.7 مليون طن في العام ما جعله أحد أهم الصناعات في الدولة الواقعة شمال إفريقيا. ويُقدَّر احتياطي تونس من الفوسفات بنحو 1203 ملايين طن، وتقع أهم مواقع استخراجه في منطقة قفصة وجبل مدلة، لكن العمال في هذه الصناعة يعانون من أوضاعٍ مهنية صعبة ومخاطر كبيرة. «الشرق» دخلت إلى مواقع استخراج وإنتاج وتصدير الفوسفات في تونس ورصدت وضع العمال فيها ومطالبهم التي تبدو ضئيلة مقارنةً بما توفره هذه الصناعة للدولة. وفي حلقة اليوم من ملف «التراب الأسود» زارت «الشرق» مدينة أم العرائس معبر الفوسفات وحلقة الوصل بين مناطق استخراجه ومواقع تكريره، ورصدت الصحيفة معاناة أهالي المدينة وخاصةً شبابها الجامعيين المعطّلين عن العمل. أم العرائس مدينة تونسية صغيرة الحجم كبيرة الأهمية، فهي شريان طريق الفوسفات في نقطة الوسط بين جبال استخراجه من قفصة ومنطقة تكريره في المتلوي، تراها فلا تصدق عينك، توقفنا بالسيارة لا لشيء ولكن لنسأل أحد سكانها الذي كان يقطع الطريق متجها بقطيعٍ من الماشية «هل لديك فكرة عن رئيس تونس بعد الثورة؟»، أجابنا وهو مسرع «صدقني لا أعرفه ولا أريد معرفته، فلم نرَ من الخير من أي أحد». هنا في أم العرائس تعتقد لوهلة أنك في تونس خلال سنوات الاستعمار، فلا توجد أبسط مستلزمات الحياة فيها، هم يعيشون تحت خط الفقر، هم الفقر بعينه، ولكنهم أصحاب خير على هذا الوطن، إذ قدموا كل ما لديهم من ثروات لتونس فكان المقابل كل أنواع العذاب. ترى في وجوه أهل أم العرائس قسوة الجبال وشموخها، لكنهم أخيار يجودون بما يملكون دائما، مبتسمون للمار بمدينتهم. مدينة النسيان أم العرائس هذه المدينة المنجمية تضرب جذورها في عمق التاريخ، عاشت عديداً من الحضارات فعرفت بها العديد من المواقع الأثرية الرومانية، عاشت التهميش والقمع في عهدي «بورقيبة « و «بن علي» فلا مشاريع منجمية ولا تنمية في هذه المنطقة الغنية بما تحمله جوف أرضها من التراب الأسود «الفوسفات». وتعاني المدينة من ارتفاعٍ مفرط في عدد خريجي الجامعات والحاملين للشهادات المعطَّلين عن العمل، وهو ما لعب دورا كبيرا في اندلاع الاشتباكات والمواجهات الضارية بين شبابها والشرطة عام 2008 أو ما يُعرَف بأحداث الحوض المنجمي. هنا ترى الألم و البؤس يقطنان، ترى الفقر صديق حميم والمرض زائر قريب، صعب أن يتجاوز أحدهم الستين سنة دون علَّة أو مرض مزمن جراء سنوات العمل في الجبال لاستخراج الفوسفات، هم صامتون في غالب الأحيان ولكن لكلامهم دوي مزعج للحكام منذ الاستعمار إلى يومنا هذا. كل شيء يوحي بالفقر المدقع مما حدا ببعض شباب هذه القلعة الشامخة إلى السفر إلى إيطاليا والنزوح إلى بعض المدن التي تتوفر فيها موارد الرزق على الرغم من وجود الآلاف من أصحاب الشهادات العليا والكفاءات النيرة التي تستطيع أن تقدم الإضافات من أبناء أم العرائس. جولة في المدينة كشفت جولتنا في أم العرائس عن وعي شبابها ونضجهم وإدراكهم أهمية الفوسفات كأحد مصادر تنمية الاقتصاد التونسي، ويعتبر شباب المدينة أن انتفاضة الحوض المنجمي في 2008 كانت المقدمة لثورة 14 يناير 2011 التي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي وفضحت أركان نظامه الذين يتهمونهم بالعبث بثروة الفوسفات. ويؤكد شباب المدينة ل «الشرق» أنهم غاضبون من أوضاعهم الحالية ولكنهم لا يسعون إلى تعجيز الحكومة وإنما يأملون في حل مشكلاتهم واسترداد حقوقهم المشروعة رافضين تناسي الدولة لأزماتهم. التراب الأسود: 1. جبال الفوسفات في تونس.. الموت على طريق الثروة 2. قفصة.. مدينة تونسية قاومت المستعمر ودعمت الاقتصاد.. فأهملتها الدولة 3. مدينة الرديف.. هنا معامل «الفوسفات» و«النخوة» في تونس 4. أم العرائس.. مدينة خريجي الجامعات العاطلين عن العمل منزل أسرة فقيرة في أم العرائس أم تسير في أم العرائس بجوار طفلها أطفال يلهون في ملعب ب «أم العرائس« لافتة على الطريق بين قفصة وأم العرائس