أثارت مسألة تعويض السجناء السياسيين في تونس جدلاً واسعاً بين معارضٍ بدعوى مرور الاقتصاد التونسي بظروف خانقة، ومدافعٍ عن التعويض المالي كحق لهؤلاء السجناء. وزاد من حدة الجدل وتفجُّرِه استقالة وزير المالية التونسي حسين الديماسي، الذي برر استقالته باعتراضه على السياسات المالية التي تنتهجها حكومة حمادي الجبالي، خاصة ما تنوي الحكومة إقراره من اعتمادات مالية للمساجين السياسيين ضمن ميزانية العام المقبل، ورأى أن هذه الخطوة لا تراعي نفقات الدولة ووضعية الاقتصاد التونسي في هذه المرحلة. وأشار الديماسي، الذي لا ينتمي إلى أي حزب سياسي في البلاد، إلى تعدد «الانزلاقات التي تهدف بالأساس إلى كسب ودّ مختلف الفئات الاجتماعية في الانتخابات المقبلة، مثل بلوغ نفقات الدعم مستويات مهولة»، بحسب بيان استقالته. ويُقدَّر عدد المعنيين بالتعويض المالي في إطار قانون العفو التشريعي العام الذي تم سنّه في فبراير 2011 بحوالي عشرين ألف شخص أغلبهم من الإسلاميين، وبمقتضى هذا القانون تم إطلاق سراح آلاف المساجين السياسيين من السجون، كما تمت إعادة إدماج عدد كبير منهم في مواقع عملهم الأصلية التي غادروها قسراً في عهد زين العابدين بن علي أثناء تعرضهم للمحاكمة، غير أنهم مازالوا ينتظرون تمكينهم من التعويضات المالية. ويتطلع المعنيون بالتعويض إلى صدور القانون الخاص بالعفو العام الذي سيحدد كيفية حصول السجناء السياسيين على تعويضات مادية، ومن المنتظر أن تبلغ قيمة هذه التعويضات قرابة 750 مليون دينار (465 مليون دولار)، ويقول الوزير المستقيل إنها ستشكل عجزاً في الميزانية التكميلية، خاصة أنها غير مدرجة في قانون الميزانية الذي صُوِّتَ عليه منذ أواخر شهر إبريل الماضي. في المقابل، كذّب وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والناطق الرسمي باسم الحكومة، سمير ديلو، الاتهامات التي توجه بها وزير المالية المستقيل حسين الديماسي للحكومة، التي تُبيِّن ارتفاع نفقات الحكومة. وأكد ديلو أن الحكومة لم تقر بعدُ قانون التعويض للمساجين، كما أشار إلى أن الديماسي يعلم حرص الحكومة على أن لا يمس التعويض للسجناء التوازنات المالية للدولة.