تؤكد الأنباء الواردة من اليمن أن إيران مازالت تواصل جهودها لتقوية نفوذها هناك وأن كشف السلطات اليمنية عن خلية تجسس إيرانية يقودها مسؤول سابق في الحرس الثوري لم يثنِ إيران عن محاولات تقوية نفوذها في المحافظات اليمنية على الرغم من تلقيها تحذيراً شديد اللهجة من صنعاء. وتعتمد إيران في مخططها على استقطاب ناشطين سياسيين وأصحاب رأي ومثقفين ورجال دين آخرهم مفتي تعز، الشيخ سهل بن عقيل، لبناء تيار سياسي يتبنى مواقفها السياسية ويدافع عن رؤاها ومصالحها، ما يعني إصرارها على التدخل في شؤون اليمن ومحاولة توجيه مسار عملية الانتقال السياسي حسب رؤيتها ما قد يعرقل الحوار الوطني ويطيل أمد الأزمة اليمنية خصوصاً وأن حلفاء طهران يتحدثون عن رفضهم المبادرة الخليجية كآلية حل على الرغم من توافق المجتمع الدولي عليها. ولا تكتفي إيران بذلك إنما تبحث عن دورٍ عسكري لها في اليمن، وهو ما كشفت عنه صحيفة «الشرق» بنشرها تقريراً يكشف عن إنزال عناصر من البحرية الإيرانية على سواحل عدن وعقدهم لقاءات سرية مع ناشطين في الحراك الجنوبي المسلح المنادي بعودة دولة جنوب اليمن، أي أن طهران دخلت على خط الأزمة بين صنعاء وقوى الحراك، وهي مسألة داخلية ذات حساسية على الصعيدين السياسي والاجتماعي وقد يؤدي تدخل جهات خارجية فيها إلى تعطل الحوار الوطني حولها حتى لو بررت إيران هذا التدخل بقدرتها على لعب دور وساطة بين الطرفين. كل المعطيات السابقة تعني أن طهران ماضية في نقل ألاعيبها تدريجياً من سوريا شمالاً إلى اليمن جنوباً بعدما تبين لها أن حليفها الرئيس السوري بشار الأسد في أضعف حالاته في ظل استمرار الثورة عليه. وفي ظل الموقف السلبي لقوى الثورة السورية من إيران الداعمة لقمعها بالقوة، بدت اليمن، البلد المليء بالأزمات الداخلية أمنياً واقتصادياً وسياسياً، مرتعاً خصباً لنقل النفوذ الإيراني إليها وبوسائل عدة استغلالاً لوضعٍ داخلي متفجر.