كان يبحث عن شريك لمشروعه التجاري الضخم الجديد (مشروع العمر). وبعد دراسة مطولة ومكثفة وضع معاييره لاختيار شريكه. وكان أهم تلك المعايير أن يكون أقل منه دراية بالتجارة وجاهلاً بالاقتصاد والإدارة وأن يكون مطاوعاً له ولا يعارض أيا من قراراته مهما كانت. بغض النظر عن الأسباب التي جعلته يضع تلك المعايير.. لكم ان تتخيلوا ماهي المحصلة؟ بنظري.. لن يضيف هذا الشريك أي فائدة لمشروعه –سوى المشاركة المادية- والحمل كله سيكون على عاتق صديقنا الذي يظن انه على قدر كافٍ من الذكاء يغنيه عن الحاجة لمن يشاركه الإدارة. مع انه في الواقع أشد جهلاً من الشريك الممول.. لأنه لا يضع هذه المعايير إلا جاهل ساذج لا يفهم ولا يعي ماهي أهداف الشراكة الحقيقية. فبدلا من أن يختار من بإمكانه اعطاء المشورة وإبداء الرأي والنصح والتصويب والمشاركة في اتخاذ القرارات وذو الخبرة في خوض الأزمات. فضل من لا يناقشه بقراراته ولا ينتقده ولا يقترح عليه أي اقتراح ولا يبدي رأيه في أمر ما يخص تلك الشراكة وطريق سيرها ومستقبلها. إلا إذا كان بالأساس لا يبحث عن شريك حقيقي، ويبحث فقط عن تمويل مادي، دون مشاركة حقيقية. وهكذا الزواج.. إما شراكة حقيقية أو شراكة أجساد فقط -وهي شراكة مادية-. عجبي لا ينتهي ممن يفضل الارتباط بمن هي أقل منه فهما ودراية بأمور الحياة رغبةً منه بأن يكون دائما “سابقها بخطوة”! فهو الذكي المقرر الآمر الناهي الذي يجب أن تنظر إليه شريكته بأنه ذو الرأي الصواب وصانع القرار الفذ وبالتالي لا تناقش قراراته. في الحقيقة لا يبحث عن هذه المواصفات إلا من لا يعي ما هي أهداف الشراكة (كما هو حال صديقنا). او شخص مقتنع بضعف شخصيته ويبحث عن شريكة أكثر منه ضعفا ليداري شخصيته المهزوزة بدلا من أن يبحث عن من تطوره وتعينه على تطوير شخصيته. او من يبحث عن امرأة لا ترصد له أخطاءه ولا تنتبه لها ولا تحاسبه وذلك أدهى وأمر. فالدافع الخفي وراء كل تلك الحالات هو الشخصية الأنانية المستبدة الغير قادرة على الاعتراف بالرأي الآخر والتعايش معه. و في جميع الحالات .. بئس الاختيار وبئس المعايير وبئس الشراكة. فالأولى البحث عن من هي أهل لإعطاء النصيحة والمشورة, القادرة على اعانتك ومشاركتك في اتخاذ القرارات وتصويبك ولو بانتقادك فالنقد كثيرا ما يكون سببه الحب والحرص على نجاح الشراكة. وتذكر دائما انك أنت أول وأكثر المستفيدين من فهمها ووعيها، وإياك والاعتقاد بأن ذلك يسيء لك بأي شكل من الأشكال. فسيرة سيّد الخلق -عليه الصلاة والسلام- أكبر دليل على ذلك حين أخذ برأي أم سلمة -رضي الله عنها- عندما وجد بعض الامتعاض من الصحابة -رضي الله عنهم- حين أمرهم بالحلق والذبح وعدم دخول مكة بعد صلح الحديبية فقالت له: اخرج يا رسول الله فاحلق وانحر. ففعل وفعل الصحابة من بعده. وكان رأيها السديد سببا في حل المشكلة، فالمرأة الحكيمة قادره على اعانة زوجها. أخي وأختي المقبلين على الزواج لكم أن تتخيلوا بسهولة نهاية الشراكة عندما تبنى على اسس ومعايير خاطئة فرجاءً لا تحذوا حذو ذلك التاجر في اختياره لشريكه.