يعد مسجد الإمام الأوزاعي الواقع على شاطئ منطقة الجناح المحاذي لحدود العاصمة اللبنانية بيروت الجنوبية من المعالم الإسلامية التاريخية وأكثرها مقصداً للمصلين والزوار، حيث يعود بناء هذا المسجد إلى العهد العباسي الذي عاصره الإمام الأوزاعي العالم والفقيه منذ ولادته وحتى وفاته. والإمام الأوزاعي هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي نسبة إلى الأوزاع وهي قبيلة “يمنية” نزل أناس منها في قرية من قرى دمشق عند باب الفراديس فسميت باسمهم، وظلت معروفة إلى القرن التاسع الهجري، ثم شملها العمران فاندثرت. ولد الإمام الأوزاعي في مدينة بعلبك بمنطقة البقاع شمال شرق لبنان عام 88 للهجرة الموافق العام 707م، ونشأ في مدينة البقاع يتيم الأب، وسكن في العاصمة اللبنانية بيروت معظم فترات حياته وكان معروفاً باسم “أبي عمر”، ويعد أحد الفقهاء الأعلام الذين أثروا في مسيرة الفقه الإِسلامي، خاصة في بلاد الشام والأندلس. ومسجد الإمام الأوزاعي في الوقت الحاضر عبارة عن جزءين أحدهما قديم جداً، والآخر حديث البناء، ويقع على الشاطئ الجنوبي المكمل لشاطئ مدينة بيروت الإدارية وكانت تسمى تلك المنطقة منذ القدم بقرية “حنتوس”، والمسجد الأساس في تلك المنطقة صغير وقد سمي بالمسجد الأوزاعي وسميت المنطقة بمنطقة الأوزاعي أيضاً. ويوجد فوق محراب المسجد القديم نقشية من رخام مكتوب عليها اسم الإمام الأوزاعي وتاريخ ولادته ووفاته، واسم المكان الذي دفن فيه، ولكن لا يوجد في هذا المسجد نقش يدل على اسم من قام ببناء هذا المسجد وتاريخه، علماً أن قبر الإمام الأوزاعي يقع خلف الجدار الجنوبي للمسجد القديم الذي يقصده سكان بيروت لأداء فروض الصلاة منذ العهد العباسي حتى اليوم. ويوجد في مقدمة الجامع مئذنة حديثة بنيت العام 1939م، كما يوجد من الجهة الغربية للجامع القديم رواق مستطيل ليس فيه ما يبين تاريخ بنائه، بينما يوجد في الجهة الشرقيّة مقبرة إسلامية صغيرة، وبمحاذاة المقبرة من جهة الشرق جامع حديث افتتح للصلاة عام 1964م. وكان الإمام الأوزاعي نشأ في بلدة الكرك في منطقة البقاع، حيث تلقى مبادئ العلوم وحفظ القرآن الكريم، وحظا من اللغة، ثم توجه إلى دمشق، ثم رحل إلى اليمامة، وزار العراق، وانتقل للحجاز، وكان ذا باع طويل في البلاغة، وحسن البيان، بحيث يفوق الكثير من أعلام الأدب في عصره، وكانت عباراته صادقة اللهجة متينة السبك قوية المعاني. وتوفي الإمام الأوزاعي في بيروت عام 157ه الموافق العام 774م.