في لغة موقع التواصل الاجتماعي المنتشر Twitter (بدأ عام 2006 واحتلت السعودية الترتيب 11 من حيث المواقع الأكثر زيارة خلال الشهر الماضي) يشتق الموقع من الطير المغرد رمزه ومعناه. يحق لك أن تغرد كما تشاء وتستمع لمن تشاء ويسمون «الفلوينق» ويتابعك من يشاء ويطلق عليهم «الفلورز»، وعند الاشتراك يمكن أن تضع اسمك وتستبدل البيضة بصورتك معرفا دائما في حال الرغبة. جرى العرف على أن من يترك البيضة صورته ويضع اسما مستعارا فإن كلامه غير مؤتمن على أقل تقدير، والبيض هو متابع شبح، لا يرغب في التعريف بنفسه عن سابق إصرار وترصد ب»الفلوينق».وحتى لا نحكم على النوايا فلن أصنف العلة أو المقصد، بل سأحاول تلمس بعض المظاهر المشتركة بين البيض، وتلك المختلفة عنهم عند المغردين المعلومين. فالبيض غالبا ما يكون تابعا لا متبوعا، ومطبلا دون تحقق ولا توثيق، وناقلا دون مشاهدة أو مصادر، سباب ولعان، ينشط في الفتنة ويخبو في الفرح. والبيض «أعزك الله» متناقض بالضرورة، ينضح عن شخصية هلامية غير مستقرة، ونادراً ما يكون له رأي أولي، إنما رأيه لاحق، ويتخندق في ظلال الآخرين.البيض لا يتورع عن الطعن في الأخلاق، والتحريض على النفاق، والتناقض بين تويتة وأخرى دونما خجل ولا حياء. ولأن تويتر لا يمنح أكثر من 140 حرفا في الرسالة الواحدة، فهو يخنق الثرثارين بغير معرفة، ويحاصر الإطناب وإضاعة الوقت، ويزيد عليه أن يختصر لك المسافات ب»هاش تاق» وهو معرف يضم تحته كل ما كتب عنه، ومن هنا سنجد الحوار حوار أنداد لا خطاب عبيد وأسياد. وبالتأكيد فإن المستخدم العربي أعاد صياغة أهداف تويتر كعادته في استخدام المنتجات التكنولوجية الغربية، فمن كون تويتر موقعا للخبر السريع والمعلومة الخاطفة، تحول عربيا إلى مأوى لكل ما هب ودب، فمن شِعر، وحكايات ونفاق ومسبات إلى نكات وشعارات، أما في السعودية فيمكن أن تجد من يصف لك أحداث مباراة منقولة على الهواء مباشرة !، وكأنه الوحيد من يملك دِشْ، أو تجد من ينشر طبخات أم العيال وكأنما قناة فتافيت، ولن تعدم من يصور نفسه أينما اتكأ في استراحة وينشر الروابط لتوثيق سيرته العتيدة ويوميات حياته المجيدة، وبطبيعة الحال فبمجرد أن تكتب عن شكل من أشكال الفساد أو حق من حقوق العباد، ينبري لك البيض وينقض على شجرتك كالجراد، فما إن تقل: للمرأة السعودية حق ما، حتى تنهال عليك جُملٌ كالجِمال مثل: هل ترضاها لأمك؟.في تويتر يمكنك أن تتابع – ويتابعك – كائنا من كان، وبالطبع لا أقصد «كائنا من كان» السعودي المشهور، بل «كائنا من كان» من الناس في عالمنا الواسع. ولست في حاجة إلى معرفة من أين الكائن أو قبيلته أو طائفته حتى تقبل قوله أو ترفضه، فكلماته تكفيك أو كما قيل: تكلم كي أراك، وبالطبع لن تحتاج للبحث في «بروفايل» شخص يكتب كلمات مثل: الرويبضة، المهايط أو الله لا يغير علينا، حتى يتأكد لك أن «بلانا منا وفينا»!.