أجمل ما في شبكة تويتر أنها كشفت الرؤوس وساوت بينها حتى أنك قد لا تستشعر رأسك بينها، فالغني يغرد مع الفقير والنخبوي يتقاطع مع العامي والمحافظ يكتب مع المتحرر المنفلت. في هذا الموقع الصاخب، ترى الناس على حقيقتها مهما حاولوا التدثر بثياب مموهة وعبارات خادعة، فكل يقدم نفسه على الطريقة التي يختارها، ولو أبطن ما لا يستطيع أن يعلن، تحضر إشارات بين الأحرف تفتح لك رمزية الشخصية. لكن أكثر ما يلفت النظر فعلا، وجود عدد كبير ممن يدعون إلى أمر ويمارسون آخر، فهذا مطالب بالحريات والحقوق يرفض الرأي الآخر، وذلك وطني يدعو إلى الوحدة والتسامح، ويتفنن في الإقصاء، وهذا تنويري يتمسك بتلابيب الرجعية. كل هذا قد يهون عند واعظ يدعو إلى الخلق الحسن والتواضع ومخالطة الناس والتعاطي مع همومهم، وهو أبعد ما يكون عنهم، يتحدث من برج عاجي ولا يرد على متابعيه ولا يأبه بهم ولا بأسئلتهم مهما كانت وكان سائلها. هناك من يبرر ذلك بكثرة المتابعين والردود والمداخلات، لكن الواقع يبرهن أن كثيرا من المشاهير من أصحاب الأعداد الكبيرة في «الفولورز»، مثقفين كانوا أو فنانين أو رياضيين، يتجاوبون بشكل لطيف مع متابعيهم ويحسنون الظن بهم ويقطفون شيئا من وقتهم للرد عليهم. الحقيقة المتبقية أمامنا، هي أن الشيخ الفاضل يعتبر أن هذا المكان منبر يضاف إلى منابره الأخرى كالمسجد والتلفزيون، يقول فيه ما يريد من المواعظ والخطب ثم يدير ظهره، على طريقة «افعل ما أقول وليس ما أفعل»