في الوقت الذي تبحث فيه بعض الدول مبادرات إقليمية ودولية للإبقاء على النظام المترهل للأسد لضمان مصالحها، يحقق الجيش السوري الحر منذ عدّة أشهر تقدّماً ملحوظاً على الأرض في مواجهة النظام السوري. فمع بداية العام 2012 ومع تحسن تنظيم وتسليح الجيش الحر، ومع سيطرته على مناطق أوسع بدأ ينتقل من الجانب الدفاعي إلى الجانب الهجومي خاصة بعد ارتكاب النظام السوري لعديد من المجازر الجماعية بحق المدنيين في مختلف المحافظات والمدن، عندها بدأ الجيش الحر يشن عمليات محددة دقيقة وجريئة على مراكز مهمة للنظام السوري كمقرات الاستخبارات والأمن ومراكز الكتائب التي تدك المدن بالقذائف والصواريخ وأيضا بعض المطارات العسكرية. ومنذ شهر حزيران حدث تطور كمي ونوعي ملحوظ في عمليات الجيش الحر مع وصول التمويل والتسليح اللازم، ولم تعد هجمات الجيش الحر محصورة على استهداف الحواجز العسكرية التي تقطّع أوصال المدن أو على الأهداف السهلة، بل أصبحت أكثر تعقيداً وتطوراً وتم استهداف أقوى مقرات النظام السوري الاستخباراتية وأيضا المجمعات العسكرية التابعة للنظام التي كان يقوم من خلالها بقصف المدن وتدمير الأحياء، كما حصل تطور ملحوظ من ناحية استهداف المدرعات والملالات والدبابات خاصة في ريف حلب وأدلب، وبشكل أقل في درعا وحمص. إضافة إلى نقل العمليات إلى دمشق نفسها. وتمّ تسجيل عدّة حالات لاستهداف المروحيات المقاتلة، علما أنّ النظام السوري لجأ مؤخراً إلى التكثيف من استخدام الطائرات المقاتلة والمدفعية الثقيلة عيار 240 ملم والهليكوبتر الهجومية (إم-آي 24) المزودة بصواريخ جو-أرض (إس-5)، وكلها مؤشرات على فقدان النظام السوري السيطرة على الأرض مع تقارير تشير إلى أنّ أكثر من 60% من مساحة سوريا باتت خارج سيطرته. وعلى صعيد الانشقاقات، نجح الجيش السوري الحر في اقناع عديد من العسكريين بالانشقاق، وتم خلال هذه الفترة من التحول النوعي حدوث أكبر موجات انشقاق على الإطلاق، سواء في الكتائب العسكرية على الأرض أو في صف القادة العسكريين أو حتى القادة المقربين من النظام أو الأفراد العاملين في هيئات خاصة كالانشقاق الذي حصل في سلاح الجو السوري الذي تعد مخابراته الأقوى في البلاد وقد وثّقت (أ.ف.ب) انشقاق 15 جنرالاً خلال أسبوع واحد فقط نهاية شهر يونيه وبداية شهر يوليو. ولوحظ مؤخراً امتداد الاشتباكات بين الجيش الحر والجيش النظامي إلى دمشق نفسها مؤخراً، وهو مؤشر على مدى تراجع سيطرة النظام الفعلية والاهتراء الذي وصل إليه، وهو لعله مؤشر آخر على مدى استماتة روسيا وإيران في محاولة الجمع بين ما بقي من أركان النظام السوري وبين المعارضة السورية في محاولة أخيرة على ما يبدو للحفاظ على النظام السوري وإن تطلب ذلك فيما بعد رحيل الأسد نفسه! للجيش الحر كلمة أخرى على ما يبدو في المعركة الفاصلة لدمشق.