تتسارع أحداث سوريا يوما بعد آخر في الوقت الذي ما زال الموقف الدولي يرواح مكانه منذ انطلاق الثورة قبل ستة عشر شهرا، دون أن يقدم شيئا لمساعدة الشعب على التخلص من نظام قاتل، أو حتى في تقديم الإغاثة لشعب هُجر منه أكثر من مليوني إنسان تلاحقهم نيران كتائب الأسد، حتى في القرى الصغيرة التي لجؤوا إليها، لكن الأبرز داخليا هو انتقال المعارك إلى قلب العاصمة دمشق في تطور هو الأهم منذ أن بدأ النظام استخدامه للأسلحة الثقيلة ضد المدن والبلدات والقرى الثائرة، فنظام الأسد اليوم بدأ بنشر دباباته ومدافعه في أحياء كفر سوسة والميدان والتضامن التي تدور فيها مواجهات عنيفة بين الجيش الحر وكتائب الأسد، كما أن نشر راجمات الصواريخ على جبل قاسيون قبل يومين يبدو مؤشرا إضافياً على أن الأسد بات يستشعر الخطر فالمعركة أصبحت على أبواب قصوره، ولن تسلم دمشق من الدمار، فنظام الأسد وإعلامه دأب منذ اندلاع الثورة على القول أن المدينتين الأكبر وهما دمشق وحلب واللتين تشكلان نصف سكان سوريا مؤيدتان له على الرغم أن جميع الأحياء في دمشق تتظاهر ضده منذ وقت مبكر من الثورة، لكن الآن وبعد قرار الثوار بنقل المعارك إلى قلب العاصمة سيضع نظام الأسد وإعلامه أمام حقيقة أن قوى الثورة أصبحت بالقرب من مؤسساته الأمنية والإعلامية، أما على المستوى الدولي فربما يقتنع المجتمع الدولي الآن أن عليه اتخاذ قرار على الأقل يحرمه من استخدام الطائرات ويتعامل مع الجيش الحر كجناح عسكري للثورة خاصة بعد إعلان اللجنة الدولية للصليب الأحمر أول أمس، حينما قالت أن ما يجري في سوريا هو حرب أهلية، فهذا الإعلان سيترتب عليه اعتراف دولي بالمعنى القانوني، بأنه يحق لطرفي النزاع أن يستخدما السلاح كما الحصول عليه للدفاع عن نفسيهما، وتحقيق أهدافهما، وبالتالي لن تستطيع أي دولة الآن الاعتراض على تسليح وتقديم المساعدة للجيش الحر وقوى الثورة، ومنذ الآن أصبح النظام ملزما بتأمين دخول منظمة الصليب الأحمر ووصولها إلى أماكن النزاع وحقها في تقديم المساعدة للجرحى وإغاثة المناطق المنكوبة، بحسب القانون الدولي، وفي حال رفض النظام ذلك فإن أعماله ستعتبر جرائم حرب يحاسب عليها أمام المحاكم الدولية، هذان التطوران سيضيقان الخناق على الأسد ونظامه وسيسرع من تفككه خاصة مع بدء الانشقاقات في بنية نظامه والمقربين له.