منذ اليوم الأول لقمع التظاهرات الشعبية في سوريا فإن الانشقاقات لم تتوقف في صفوف المحسوبين على النظام في سوريا سواء في صفوف العسكريين أم في صفوف الدبلوماسيين أو غيرهم. ولكن الإعلام عموما يركز على الانشقاقات الصاخبة المدوية علما أن انشقاق جندي في ظروف صعبة تعرض بعدها للقتل أو الاعتقال أو التعذيب لهو أعظم من هروب جنرال ثم إعلان انشقاقه. وانشقاق ضابط مع جنده في موقع قتالي بعيدا عن الإعلام أعظم وأشرف من كل الذين هربوا ثم أعلنوا انشقاقهم لأن الحالة تعني أن المنشق سيقاتل حتى الموت أي الشهادة. أما الانشقاقات الباردة فهي كثيرة وأعدادها لا تحصى. فالموظف الذي يهرب من وظيفته يوم إلزام الجميع بالحضور إلى مسيرة مؤيدة هو منشق وكذلك الدبلوماسي الذي يجد أنه مهدد بأهله وأفراد أسرته وعائلته ولا يستطيع إعلان انشقاقه هو منشق أيضا .. ومصطفى طلاس المقيم في باريس منذ عدة أشهر ونائب الرئيس فاروق الشرع الذي انتقل بصمت إلى عمان وآلاف الضباط والرتب الموجودون داخل السجون أو داخل معسكرات خاصة تشبه السجون .. ظروف معقدة في سوريا لا يعلم بها إلا الله .. وكل الأخبار المتواترة تفيد أن المنشقين بصخب أو ببرودة هم من كل الطوائف وإن كانت الطائفة الأكبر قد ثارت بغالبيتها العظمى فيما تفاوتت نسبة الثائرين بين أبناء الطوائف الأخرى، وهذا أمر طبيعي. وعندما تصبح كفرسوسة داخل دمشق عرضة للقصف بالهاون وأنواع أخرى من المدافع والرشاشات… يمكننا أن نتصور إلى أين وصلت أقدام الثائرين. والمقولة العسكرية الشهيرة تفيد بأنه : ليس مهما أين تصل قذائف المدافع بل المهم أين تصل أقدام الجنود.