كثيرون يرحلون إلى إسطنبول باعتبارها من أكثر المدن الإسلامية ثراء معرفيا وتاريخيا. ومع قرب حلول شهر رمضان، وبوجود مئات الآلاف من السياح، تحتضن إسطنبول هذه الأيام، وعلى مدى أكثر من شهر معرض «مساجد تشد إليها الرحال»، حيث تم افتتاحه يوم الجمعة الماضية، ويستمر حتى السادس عشر من أغسطس. المحطة الخامسة لهذا المعرض يتم تنظيمها بالتعاون مع مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بإسطنبول (ِِARCICA)، وقد تم تدشين النسخة الأولى من المعرض في أبرق الرغامة في جدة، بمناسبة اختيار مكةالمكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية. ومنها رحل إلى الدارالبيضاء والرباط ومن ثم إلى العاصمة عمان. تتبنى المعرض مؤسسة ليان للثقافة، وهي مؤسسة آمن مؤسسوها والعاملون فيها برسالة الفن وعالمية الإبداع، ومن خلاله يمكن إيصال رسالة الإسلام السامية عبر اللون والخط والريشة. وقد اختارت المؤسسة عددا كبيرا من الفنانين والفنانات من مختلف دول العالم، ومنحتهم حرية التعبير عن المساجد الثلاثة (المسجد الحرام، المسجد النبوي، المسجد الأقصى) إما بلوحة فنية مستخدمين ما شاؤوا من تقنيات وعناصر وخامات، أو بخط متميز لآيات تعبر عن هذه المساجد المباركة. معرض إسطنبول ضم لوحات لستة وعشرين من أبرز الفنانين والفنانات يمثلون سبع عشرة دولة من قارات أربع (آسيا، وإفريقيا، وأوروبا، وأستراليا). وقد حقق المعرض حضورا لافتا من حيث استخدام التقنية، مما يجعل الزائر عبر جهاز الآيباد المجاور لكل لوحة، يتعرف عن كثب عن الفنان ورحلته في عالم الفن، وأبرز إبداعاته. الفنانون السعوديون كان لهم حضور كبير. فالفنان الرائد عزيز ضياء احتل الصدارة بأعماله الثلاثة الأكثر تميزا وحجما. اعتمدت اللوحات بشكل أساس على الضوء واتجاهاته في محاولة للتعبير عن دلالات لهذه المساجد. في لوحة المسجد الحرام يتجه الضوء من الأعلى باتجاه المسجد، إيحاء ببدء رحلة الوحي، وفي لوحة المسجد النبوي، يتجه الضوء من المسجد إلى كافة الأنحاء، وفي لوحة المسجد الأقصى ينبثق الضوء من منطقة الوسط بين السماء والأرض، وكأن ذلك استحضار لرحلة المعراج. الفنان عبدالله الشلتي لا تخطئ العين لوحته للمسجد الحرام فهو ذو أسلوب متفرد، قل من يتقنه. أما الفنان عبد الله حماس، المهموم بالفن ورسالته، فقد عكست لوحته حرفيته العالية، وإبداعه المتميز. الفنانة رائدة عاشور يأتي عملها مختلفا بتميز في تقنياته. وبوجودها خلال الافتتاح أضافت إلى لوحتها حضورا شخصيا وتفاعلا إيجابيا مع الجمهور. أما الفنانة نوال «مُصَلِّي»، فقد تم اختيار عملها عن المسجد الأقصى الذي جعلته يتربع مساحة خضراء. أجواء المعرض أجواء إيمانية تذكر ببزوغ رسالة الإسلام من مكةالمكرمة، والارتباط الإيماني بين القبلتين الأولى والثانية، عبر رحلة الإسراء والمعراج للنبي المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم. يمثل المعرض وحدة مشاعر الفنانين الإيجابية، رغم تباينها، تجاه رسالة الإسلام الإنسانية. وكثيرون يتطلعون إلى محطة المعرض القادمة في المدينةالمنورة (عاصمة الثقافة الإسلامية)، حيث سيتم عرض جميع أعمال المعرض، التي أبدعها عشرات الفنانين المسلمين من بقاع جغرافية متفرقة تجمع بينهم روح الرسالة الخالدة.