استحال إريك كانتونا، نجم كرة القدم السابق، ومتمرد الملاعب، إلى ممثل في مهرجان ساراييفو للسينما الذي يختتم السبت، من خلال “متمردو كرة القدم”، وهو فيلم وثائقي عن التزام خمسة نجوم رياضة عالميين خارج الملاعب، من بنيهم بوسني. وقال كونتونا لوكالة فرانس برس بعد عرض فيلمه الذي يستمر 90 دقيقة في الهواء الطلق أمام نحو ثلاثة آلاف شخص في مسقط رأس إحدى شخصيات الفيلم بريدراغ باسيتش “وافقت على المشاركة في هذا المشروع لأنها قضايا تهمنا، وتؤثر بنا، وهذا ما أرغب بالدفاع عنه”. وفي الفيلم الذي أخرجه الفرنسيان جيل بيريز، وجيل روف، يقوم نجم فريق مانشستر يونايتد الإنكليزي السابق بدور الراوي الذي يطلق ويختم قصص لاعبي كرة القدم الخمسة “المتمردين الآتين من ثلاث قارات، والذين يوحدهم تحركهم من أجل قيم التضامن والإنسانية”. ويقدم فيلم “متمردو كرة القدم” التزام لاعب ساحل العاج ديدييه دروغبا، والتشيلي كارلوس كازيلي، والفرنسي-الجزائري رشيد مخلوفي، والبرازيلي سوقراطيس، الذي توفي في ديسمبر 2011 قبيل تصوير الفيلم، والبوسني بريدراغ باسيتش، الذين وضعوا شهرتهم في خدمة المجتمع. ويقول كانتونا إن الفيلم الذي ستبثه في 15 يوليو محطة “آرتي” الفرنسية-الألمانية يروي “الشجاعة والإنسانية الحقة” التي يتمتع بها الرجال الخمسة الذين دافعوا عن قيمهم حتى لو كان ذلك “يعرض عائلاتهم للخطر”. ويؤكد كانتونا الملقب “كينغ” (الملك) الذي كان أحد أكثر مهاجمي جيله براعة وموهبة “من المهم إلقاء الضوء على قصص كهذه وعلى رجال كهؤلاء، لأنهم رجال عظماء”. الفيلم لا يتطرق إلى قصة كانتونا الشخصية، إلا أنه أعار مخرجي الفيلم هالته كنجم و”كمتمرد حق” حمل قصص زملائه إلى الجمهور العريض على ما يقول جيل روف. يوضح روف “اخترناه لأنه يجسد صورة المتمرد. إنه شخص لا يسكت عن شيء، ولطالما قال ما في قلبه وعقله”. وبالنسبة للخمسة الآخرين، فإن الحجج هي ذاتها. ويوضح المخرج “لقد وجدوا أنفسهم جميعاً في ظروف تاريخية استثنائية، في حروب، وحصارات، ومحطات محورية في تاريخ الاستعمار والديكتاتوريات. وفي هذه اللحظات، دافعوا عن بعض القيم، قيم العيش المشترك، وقيم التضامن”. وقالت بوبا ليزديك، التي حضرت عرض الفيلم “أعجبي كثيراً هذا الربط الرائع بين مصائر إنسانية صعبة عبر كرة القدم. إنها قصة مفعمة بالعواطف، هؤلاء أشخاص كانوا مستعدين للقيام بأمور إيجابية لبلدهم، وقد فعلوا ذلك بقلب رحب في ظروف دقيقة للغاية”. بريدراغ باسيتش (53 عاماً) قائد نادي ساراييفو سابقاً، واللاعب الشاب في صفوف المنتخب اليوغسلافي، حارب منذ بداية النزاع الطائفي في البوسنة الذي أسفر عن مئة ألف قتيل، والانقسامات بين الصرب والكراوت والمسلمين الذين تواجهوا في هذه الحرب بين 1992 و1995. وأسس خلال النزاع مدرسة لكرة القدم “بوبامارا”، وكانت رسالته تدريب لاعبي كرة قدم، وخصوصاً أشخاص شباب قادرون على نبذ الانقسامات التي يفرضها قادة الحرب. ويقول جيل بيريز “بوبامارا، وهو أحد الأمثلة النادرة عن الحياة المتعددة الثقافات التي لاتزال قائمة اليوم في البوسنة”، مع أن المشروع لا يلقى دعماً كاملاً من السلطات. بيريز الذي كان موفداً خاصاً لإذاعة فرنسا الدولية (آر إف آي) خلال النزاع البوسني يعرب عن “صدمته” لاستمرار الانقسامات العميقة بين الجماعات الثلاث، بعد 17 عاماً على انتهاء الحرب. ومر نحو خمسة آلاف تلميذ في مدرسة “بوبامارا” منذ إنشائها في مقرها في ساراييفو. ويقول بريز “هؤلاء الفتيان لن يصبحوا جميعاً لاعبي كرة قدم كبار إلا أنهم سيصبحون جميعا رجالا فعليين سيروجون لقيم العيش المشترك”. أ ف ب | ساراييفو