كما هو متوقع وسط تفاؤل كبير، مرّ الاستحقاق السعودي في تسمية الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد بيسر وسهولة كما توقع السعوديون واعتادوا أن تأتي قرارات القيادة وفق تطلعاتهم. الاحتضان الشعبي للأسرة الحاكمة تؤكده وتعززه اعتبارات متعددة ومتنوعة، فعدا الشرعية الدينية التي هي الأساس في نظام الحكم السعودي فإن الشرعية الوطنية لا تقل عنها أهمية، فالأسرة المالكة في السعودية تمثل رمزية لوحدة الوطن باتجاهاته الأربعة، وأي اختلال -لا سمح الله- تكون له نتائج مباشرة على هذه الوحدة، من هنا ترى أن السعوديين وفي كل استحقاق وطني كبير يتوحدون بشكل قوي بمختلف اتجاهاتهم، ولا ترى من يحاول أن يستغل الظرف عدا جهات معروفة ليس لها أي وزن اعتباري في المشهد السعودي، ولا تملك أي تأثير فيه. كما أن من أسباب هذا الاحتضان الشعبي أن هذه الأسرة خرجت من رحم المجتمع، وليست مثل كثير من الممالك العربية أو حتى الغربية، إن أهم ميزة لابد توافرها في أي قيادة أممية أو وطنية هي في نيلها ثقة المجتمع الذي تحكمه وأن تكون ممثلة لضميره الأخلاقي ومترجمة للآمال التي تسكن عقله الجمعي، وهو الأمر الذي استطاعت القيادة السعودية تحقيقه على أرض الواقع. ولعل الإنجاز الأبرز الذي حققته هذه القيادة بإخلاصها وتضحيات شعبها هو تأسيس وطن حديث بهوية سعودية عروبية إسلامية خالصة بعد عدة تجارب خاضها السعوديون بقيادة الملك المؤسس، ولم تصمد أمام القوى الدولية التي لم يرق لها قيام كيان وحدوي عربي في شبه الجزيرة العربية آنذاك. كما أن حالة الاستقرار الأمني والاجتماعي التي اعتادها السعوديون منذ عقود، التي رأوا انعكاساتها عليهم بشكل مباشر، لا يمكن أن يضحوا بها، فكثير من المواطنين مُسهمون في عملية التنمية الوطنية التي ساعدت في استقرارهم الاقتصادي سواء كانوا موظفين أو رجال أعمال أو أصحاب مهن ومشروعات صغيرة، كما أن الدولة اهتمت كثيراً بجوانب الرعاية والتنمية الاجتماعية وأنفقت عليها المليارات لإيجاد أجواء اجتماعية مرضية تصل بجميع المواطنين لحالة الاكتفاء على الأقل، وحالة الرفاهية في الغالبية. كما أن تجربة الحكم الملكي السعودي منفتحة على جميع الاتجاهات الوطنية ومتقبلة لآراء الشعب، حيث تلتقي القيادة به في المستويات كافة، ضمن العقد الاجتماعي السعودي، فهناك قضايا اجتماعية ووطنية ملحة يتم التعامل معها بحلول خلّاقة مثل مشكلة البطالة ومكافحة الفساد وتطوير القضاء وزيادة رقعة المشاركة الشعبية كماً ونوعاً، كل هذا يتم تحت قاعدة وشعار: (وطننا نختلف فيه ولا نختلف عليه) مع مراعاة أهمية التدرج في اجتياز المراحل وعدم إحراقها لتجنب التبعات السلبية التي حدثت في مجتمعات أخرى، وأن لا يكون الوطن بأي حال مجالاً للمساومة في سوق الإعلام والسياسة وبيانات الغرف المظلمة والمبادرات الفردية التي تسعى لإبراز الذات على حساب الصالح العام، فالخيانة الوطنية لا يمكن تبريرها تحت أي شعار أو راية.