لا تنزعج عندما تلفحك شمس الرياض الحارقة، ولا تتضجر عندما ترى مؤشر الحرارة وهو يغادر خانة الأربعينات ويهم بتسلق خانة الخمسينات بكل همة ونشاط، ولا تحزن عندما ترى حقائب المسافرين وهي تتكوم على ظهور السيارات المنطلقة على الطرق السريعة مبتعدة عن وهج الرياض وصخب الرياض. وما ذلك إلا لأنك ستحظى بمميزات لن يحظى بها غيرك من المغادرين لمدينة الرياض فأنت وبلا شك ستحصل على حمّام شمسي فاخر وبالمجان، وكلما كانت سيارتك من دون مكيف هواء فتأكد بأنك ستحصل على جرعة أكبر من هذا الحمام الشمسي وبالمجان أيضاً. ولاغرابة أن أصبحت عظامك أقسى من الحديد وأشد من الصخر؛ فجسمك سيصبح مستودعاً ضخماً لفيتامين دال وستودّع الكساح إلى الأبد ولكن لا تفرح كثيراً فأنت ستستقبل في الوقت نفسه أعراضاً متعددة من العته فهي لزمة ضرورية لطباخ النخاع متواكبة مع طباخ التمر. أما حبك الطبيعي للظل فستجد أنه قد بدأ يتلاشى تدريجياً ويحل محله التلذذ بحرارة الشمس، فخمسون درجة في الظل كافية أن تمنحك المناعة التامة لأية حرارة أخرى. أما قائمتك المفضلة من المحبين، فمن المؤكد أنك ستضيف إليها محبوباً آخر ومعشوقاً جديداً لم يكن يخطر في بالك يوماً أن يكون له في قلبك أدنى محبة، ستحب غبار الرياض وتزداد عشقاً بتدرجاته اللونية المفاجئة وموجاته الهوائية المتقلبة وما ذاك إلا لكونه سيمنحك إجازة قصيرة من وهج شمس الرياض ممهورة بذرات الغبار ومطرزة بالعوالق الترابية تلك الكلمة المترفة التي نسمعها كثيراً وهي تتردد على ألسنة مذيعي النشرة الجوية. في صيف الرياض لن تشتكي من الاختناقات المرورية والزحام الهائل وسيتغير برنامجك اليومي تبعاً لهذه المعطيات فأنت مثلاً لم تعتد على الوصول إلى مقر عملك خلال عشر دقائق ولم تتصور ولو لمرة واحدة أن بإمكانك التجول لوحدك في ميادين الرياض الفسيحة وأحياء الرياض البعيدة بكل يسر وسهولة، وستلاحظ أنك أصبحت أكثر ابتساماً من ذي قبل لأنك ستكتشف ولأول مرة كم هي شوارع الرياض فسيحة ونظيفة وصقيلة وتلوم نفسك كثيراً كيف أنك لم تكتشف هذه الحقيقة من قبل. وتأكد بأنك لن تحتاج إلى قراءة الإحصائيات عن كثافة العمالة في مدينة الرياض فأنت سترى ذلك بأم عينيك وستقف أمام لوحة غريبة ممزوجة بكل ألوان الثقافات الشرقية والغربية والإفريقية. ذاك هو صيف الرياض وتلك هي مميزاته الفريدة ولاعزاء للمسافرين.