هو محمد بن طاهر بن بهرام السجستاني، المنطقي المفكر المشهور. من أهل القرن الرابع الهجري، وأحد رواده، وهو من فضلاء أهل العلوم الحكمية، والمقدمين فيها. كان عضد الدولة فناخسروا يكرمه ويفخمه. وأخذ عن متى بن يونس، ولقي يحيى بن عدي، وأخذ عن غيرهما. وقصده رؤساء الناس وأجلاؤهم، وكان منزله مقيلاً لأهل العلوم الحديثة. ومن أشهر تلامذته أديب العرب الكبير أبو حيان التوحيدي، الذي سؤل عن حكماء عصره، فقال: أما شيخنا فإنه أدقهم نظرا، وأقعرهم غوصا، وأصفاهم فكرا، وأظفرهم بالدرر. جمع حوله أتباعا من أهل الفكر والأدب، وحلقة من رجال الفكر في القرن الرابع. يعد من رواد المنحى الإنساني، وله حكمة وكلام كثير ومتنوع، في النفس، وفي التحليل السلوكي، والأخلاقي. قال أبو حيان: «وهذا أبو سليمان إذا أخذ في هذا الطريق أطرب لسعة صدره بالحكمة، وفيض صوبه من المعرفة وصحة طبيعة بالفطرة، وله مصنف صوان الحكمة، وله مقالة في مراتب قوى الإنسان وكيفية الإنذارات التي تنذر بها النفس فيما يحدث في عالم الكون، وتصانيفه كثيرة، أكثرها في المعقولات منها: رسالة في المحرك الأول». وذكر روني إلفا، صاحب موسوعة أعلام الفلسفة، عدة مؤلفات منها: مقالة الأجرام السماوية ذات أنفس ناطقة. ومقالة في الكمال الخاص بنوع الإنسان وكلام في المنطق ورسالة في السياسة، وأجوبة على مسائل. ومما يدل على أهمية هذا الرجل، أن أبا حيان ألف كتابه الشهير في الأدب العربي والعالمي الإمتاع والمؤانسة لأبي سليمان، يخبره بما يدور في مجالس الرؤساء، ويحدث فيها. يرى أن في الإنسان شيئا ليس بجسم، ولا عرض، ولكنه جوهر بسيط، غير مدرك بالحس، ولا يقبل التغير، ولا الحيلولة، وهذا الشيء يطلع على جميع الأشياء في وقت واحد، ولا يصيبه فتور ولا ملل. ومما قاله: العلم صورة المعلوم في نفس العالم. والنفس الفلكية عالمة بالفعل، والنفس الجزئية عالمة بالقوة، وكل نفس جزئية تكون أكثر معلوما، وأكثر مصنوعا، فهي أقرب إلى النفس الفلكية، تشبها بها وتصَيُّرا إليها. ويرى أن الشريعة لا تحتاج إلى الفلسفة، لأن الاعتراض على الحقائق الدينية مرفوض.