أرجع محللان اقتصاديان عامل التذبذب الملحوظ في قطاع التأمين في سوق الأسهم، إلى أنه «يقف خلفه مجموعات قيادية مضاربية، تتحكم في أسعار شركات هذا القطاع، وسط غياب من هيئة السوق المالية، لوقف هذا التلاعب». وعدّا أن «هناك العديد من الأسباب التي جعلت من هذا القطاع أن يكون بيئة خصبة لكثير من المضاربين، من بينها صغر حجم رؤوس أموال الشركات، وكذلك حالة الإحباط التي لحقت بالمستثمرين في هذا القطاع جراء الخسائر، وبحثهم عن قنوات أخرى للتعويض. تعاملات السوق غيرت الوضع ويؤكد عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري أن «الأداء التشغيلي لشركات التأمين، أظهر تراجعاً سنوياً، بلغ نحو 40 %، وتعرَض العديد منها إلى تآكل رأس المال، ما دفع بها للتقدّم إلى هيئة السوق المالية، بطلب الموافقة على زيادة رأس المال، لتعويض الخسارة في حقوق المساهمين». وأضاف «على مستوى تعاملات السوق؛ حدث العكس تماماً، فعلى الرغم من تلك الخسائر في أدائها التشغيلي، شهدت التداولات على أسهم هذا القطاع ذروة التعاملات في السنوات الأربع الماضية، واستقطبت سيولة من السوق تجاوزت في العديد من الفترات أكثر من 50 % بصورة رفعت معها حدّة المضاربات، التي أعادتنا إلى عام 2007، بل وأكثر من تلك المستويات التي سجلتها خلال تلك الفترة».وتطرق العمري إلى أن شركات التأمين شهدت مزيداً من النشاط خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة بصورةٍ غير مسبوقة، لا على مستوى حجم السيولة المدارة التي استحوذت عليها من السوق، ولا حتى على مستوى الحدود السعرية التي وصلت إليها. وعدّها قناة للمخاطر المرتفعة، فُتحت في جدار السوق المالية، ولم يستطع أحد من أطراف السوق ردعها أو حتى التخفيف من حدّتها العنيفة. «وتوقع أن يرى قريباً موجة هبوط سعرية حادّة في مستويات تلك الأسعار المبالغ فيها جداً، مما سيدفع ثمنها الأكبر صغار المتعاملين». سببان وراء تذبذب أسهم التأمين وحمل عضو جمعية الاقتصاد عامل التذبذب في قطاع التأمين إلى «موجة عالية الحدة من المضاربات، في غياب تام من مراقبة هيئة السوق المالية لقطاع التأمين، حيث يقف وراء المضاربات مجموعات قادرة مالياً على تحريك أسعار أسهم تلك الشركات، وذلك نتيجة وجود اعتبارين مهمين، الاعتبار الأول: صغر حجم تلك الشركات المساهمة في القطاع. والاعتبار الثاني: حالة الإحباط الشديدة لدى أغلب المتعاملين (خاصة الصغار منهم) جرّاء الخسائر الفادحة، التي لحقت بهم طوال السنوات الست الماضية، ما دفع بهم إلى البحث عن أسرع الطرق لتعويض تلك الخسائر».ووافقه محلل الأسواق المالية محمد العنقري في أن «الرغبة في المضاربة والاستفادة من صغر رؤوس أموال الشركات وحجم المتاح منها ورخص التكلفة عند الاستحواذ عليها، وهي ما تسمى بمضاربة القيمة، جعل من شركات التأمين أن تبرز من حيث نسب الارتفاع والانخفاض وحجم السيولة والتداولات».وعزا العنقري وجود العوامل المضاربية إلى شركات التأمين لم تتحرك بناء على عوامل أساسية، باستثناء شركتين أو ثلاث منها، فأغلبها شركات مازالت خاسرة. وأشار إلى أن نشاط التأمين متقلب بطبيعته، والشركات تتحرك بمنهج مضاربي، لأن عددها كبير، ووسعت رقعة المضاربة بالسوق، ولذلك من يسيطر عليها يتخلص منها بعد تحقيقه لأرباح رأسمالية ممتازة، ما يؤدي بنهاية المطاف لهذا التذبذب الشديد بأسعارها». محمد العنقري