الخرطوم – فتحي العرضي أدعو إلى اصلاحات لأن التغيير لن ينجح في ظل انتشار السلاح أؤيد الذهاب إلى حوار وطني لتشكيل حكومة قومية حذر رئيس حزب الوسط الإسلامي في السودان، الشيخ يوسف الكودة، من عواقب تغيير النظام بصورة فجائية في ظل انتشار الحركات المسلحة في البلاد.ودعا الكودة، في حواره مع «الشرق»، إلى ما سمّاه بديل مأمون العواقب، معتبراً أن الحل يكمن في إجراء انتخابات مبكرة وإقامة حوار وطني جامع وتشكيل حكومة قومية، وإلى نص الحوار: * هل ما يحدث الآن في السودان ثورة أم احتجاجات محدودة؟ لا أستبعد أن تتطور هذه الاحتجاجات إلى انتفاضة أو إلى ما يمكن تسميته ب «الربيع العربي السوداني»، لكن لدي تحفظات على هذا السيناريو ليس خوفاً على النظام أو محاباةً له، وإنما لأن السيناريو البديل يحمل بعض المخاطر بخلاف سيناريوهات أخرى نحن نراها، فيما يتعلق بالانتفاضة، المواطنون يتخوفون من البديل لوجود حركات ثورية مسلحة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وغيرها. * هل هذه التخوفات واقعية؟ بالفعل هذه المخاوف لها أصل، إذا كان التغيير ضروريا فإنه ينبغي أن يكون مأمون العواقب، وضع السودان يختلف عن بقية الدول الأخرى، فإذا وقعت انتفاضة أو ثورة لن تكون أبدا على نسق الثورات السابقة كثورة السادس من أبريل أو أكتوبر ولا حتى كثورات الربيع العربي كما في مصر أو تونس، إنما غالبا سيكون الأمر أسوأ من نسق الثورات في ليبيا واليمن، فالسودان يعج بالكثير من الحركات المسلحة المتمردة، لذا إذا سقط نظام البشير فجأة ستتخندق كل هذه الجهات وربما تحاول كل جهة الانفصال بمواقعها عن السودان ثم تبدأ مفاوضات، لذا نحن نخاف من سيناريو الانتفاضة ونرى سيناريو آخر. * ماهو البديل من وجهة نظركم؟ ننادي بمؤتمر جامع في السودان وانتخابات مبكرة ويمكن أن تقوم حكومة قومية لتجنب هذا السيناريو غير المأمون العواقب . * باعتباركم حزبا مرجعيته إسلامية، كيف ترون الخروج على الحاكم المسلم من منظور ديني؟ هذه مسألة فقهية اختلف فيها العلماء، لكن نحن نرى، وبعد تحقيقٍ في المسألة وأخذ بالنصوص والأحاديث التي وردت في النهي عن الخروج على الحاكم، أن الخروج المسلح ممنوع، أما مجرد التعبير بمظاهرات أو بالكتابة أو بأي نوع من أنواع التعبير غير المسلح فهو خروج مشروع. * هناك بعض الآراء الفقهية تقول بعدم جواز الخروج على الحاكم طالما أقام الصلاة؟ نحن مقتنعون أن الخروج في تظاهرات أو التعبير بالرأي ليس ممنوعاً حتى لو أقام الحاكم الصلاة. * هل تتوقع أن يتصدى النظام للتظاهرات بعنف على غرار ما جرى في ليبيا وما يجري في سوريا؟ نحن كما ننصح الثوار ألا يخربوا أو يعتدوا على ممتلكات الأمة السودانية، ننصح النظام أن يتعامل برفق مع المتظاهرين، فالتظاهر حق مكفول شرعا وقانونا، وكل شعوب العالم الآن تمارس الاحتجاج، لذا نقول أنه لا يجوز فض التظاهرات إلا إذا كان هناك تخريب. * لدينا في السودان تجربتين للتغيير، أكتوبر 1964 وأبريل 1985، وكلاهما لم يأت بالنتيجة المرجوة، فهل سيكون لهذه المسألة تأثير سلبي على الاحتجاجات القائمة الآن؟ الفشل لا يرجع للثورة أو لأصل التغيير، إنما هو الفشل في إحسان إدارة الأوضاع الجديدة، نحن دائما نخفق ونفشل في إدارة الأوضاع في مرحلة ما بعد وقوع التغيير، ومن الوارد أن يفشل الشعب في ظل أوضاع ديمقراطية وفي ظل حكم مدني، فالفشل وارد، ولذلك هذا لا يمنع الناس من تكرار التجربة ولا يبرر وجود حكم عسكري، الناس على قناعة بضرورة قيام وضع مدني ديمقراطي يسمح بتداول السلطة حتى لو فشلت تجربة بعض الحكام. * هل لدى المعارضة السودانية الآن القدرة على إيجاد بديل يدير البلاد؟ الربيع العربي أثبت أن التغييرات للأنظمة يمكن أن تنجح كما حدث في مصر من تسليم للسلطة من العسكر إلى المدنيين قبل أيام بطريقة سلسة يمكن أن تكون مثالا يحتذى به، هذه التجربة أثبتت أن التغيير ليس مقتصرا على المعارضة التقليدية وإنما شاهدنا جلياً أن الشعوب تجاوزت الأحزاب السياسية والمعارضة التقليدية، لذا حتى وإن كانت المعارضة هشة وغير مأمونة على ما يسفر من نتائج بعد الثورات فهناك كثير من الناس يمكن أن تتولى هذا الأمر. * مكونات المعارضة كما قلت غير متجانسة، كيف سيديرون البلاد وما هو شكل دستورها؟ يمكن أن تظهر قوى جديدة أو مستقلون يديرون البلاد والمعارضة التي مازال فيها شيء من المنطق والخير يمكن أيضا أن تشارك في النظام بعد قيام الثورات، قد تكون مشكلة إذا اقتصر الأمر على المعارضة التقليدية خصوصا إذا كانت غير متجانسة وهشة. * هناك حديث الآن عن مطالبة بدولة مدنية وعلمانية وآخرون يطلبون دستورا إسلاميا، فكيف سيتم التوافق؟ أولا قبل أن نطلق المصطلحات بهذه الصورة (دولة دينية ودولة مدنية) لابد أن نسأل ما معنى مصطلح دولة مدنية فالناس الأذكياء من العلمانيين أوغيرهم من أهل الديمقراطية من غير الإسلاميين تجدهم يوجهون المصطلح كما يريدون، ولكننا نقول إذا كان مصطلح دولة مدنية مراد منه دولة ديمقراطية ودولة المساواة والمواطنة وحقوق الإنسان والحريات والتداول السلمي للسلطة فالإسلام ينص على الدولة المدنية لأنه يوفر الحريات، يمكن أن نقول دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية. * ظهر التيار السلفي في مصر فجأة، فهل تتوقع ظهورهم في السودان أيضا حال وقوع تغيير؟ السلفيون لهم وجود معتبر في السودان، إذا رتبوا صفوفهم ودخلوا في المعترك السياسي فلا شك أنه سيكون لهم وزن وشأن في البلد، لكن يبقى أن يفهم الناس أن ميدان السياسة غير ميدان الدعوة، فلا يمكن أن تأتي إلى ميدان السياسة بعباءة الدعوة، فالمبدأ السياسي وجوهر السياسة يقوم على التنازلات وأشياء قد لا تسمح بها الجماعة الدعوية في ميدانها. * هل تتوقع حال سقوط النظام بصورة فجائية أن يتمدد الجنوب على حساب الشمال؟ لا، لن يتمدد على حساب الشمال، فالجنوب دولة وليدة ولم تؤسَّس على أركان متينة بعد. * ألا تتوقع أن تستغل الجماعات الإرهابية الأوضاع لتغذية الصراعات وتفتيت البلاد؟ معروف أن كل الأنشطة الهدامة والأفكار المخربة تنشط في مثل أجواء عدم الاستقرار، ولا استبعد أن تنشط حركات وأفكار هدامة في مثل هذه الظروف ولاسيما في بداية انهيار النظام أو تغييره بالطريقة التي حذرنا منها، وهي انتفاضة أو تغيير غير مأمون العواقب، ولذا ننادي مرة أخرى بأنه على الحكومة أن تدعو إلى مؤتمر جامع (قل مائدة مستديرة) للإعلان عن انتخابات مبكرة يشترك فيها الجميع بما فيهم الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) فأنا ضد أن عزل المؤتمر الوطني عن أي نظام قادم. الكودة يتحدث إلى الزميل فتحي العرضي (الشرق)