حين حضرت السيدة شميدت إلى قسم الطوارئ في مشفى كاترين في شتوتجارت ابتكر الطبيب الشعاعي (هانس هينكس) طريقة جديدة لمعالجة جلطة الدماغ عندها، طريقة فيها بعض الغرابة والجرأة؛ فقد أدخل قسطرة من خلال الشريان الفخذي، وصعد حتى شرايين الدماغ، ثم أدخل القسطرة في الشريان السباتي الأيمن، ذلك أن المريضة كانت تعاني من بداية شلل أيسر في الجسم، ومن هناك قام باصطياد الجلطة بطريقة فيها الكثير من الذكاء والمكر؛ فقد أدخل شبكة تشبه شباك صيد البحارة، ثم فتحها في محيط الدم اللجي هناك، وفيها سمكة كبيرة سوداء تسبح قد أعاقت تدفق الدم. إنها جلطة قاتلة يموت فيها كل واحد من خمسة من المرضى المصابين باحتشاء الدماغ. ومن الناحية التشريحية فهناك تصالب في التحكم العصبي، أي أن الدماغ الأيسر يتحكم في القسم الأيمن من الجسم والعكس بالعكس. مع ذلك فمركز الكلام الوحيد يوجد في نصف الدماغ الأيسر، وإصابة نصف الكرة المخية الأيسر باحتشاء، تفضي إلى كارثة مزدوجة من الشلل والخرس بأنواع ثلاث بين النطق والفهم أو كليهما معا. اعتمدت معالجة جلطات الدماغ فيما سبق على غسل الدم بمميعات الدم ومذيبات الجلطات، ولكن مع فائدة محدودة جدا، فقد ضرب من ضرب وهرب من هرب كما يقول المثل، وخلال فترة قصيرة يموت الدماغ ويحترق بدون عودة. هذه الطريقة الجديدة اجتمع حولها رهط من الأطباء المعالجين في مؤتمر في نيوأورليانز في الولاياتالمتحدةالأمريكية في صيف 2012م حيث خرجوا بنتائج مشجعة تنجي %83 من الحالات ويخرج المريض في اليوم التالي معافى بقدميه إلى بيته.إن كوارث جلطات الدماغ مخيفة، وأسبابها في الغالب معروفة من الدخان والحش والحشيش وتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم؛ فوجب لمن شرب الدخان الصيام عنه، ومن كسل أن ينشط في الرياضة، ومن ارتفع عنده ضغط الدم ألا يتساهل في علاجه وضبطه فالأدوية متوفرة والحياة نعيشها مرة واحدة.ولكن هل المواعظ تحل المشاكل؟. جاءني زميل قبل قليل يشكو أن رأسه لم يعد كما يعرفه! قلت له أنت تدخن أليس كذلك؟ قال «نعم وكثير». قلت له أرجو ألا أراك في العناية المركزة، أو أن نصلح شرايينك فنحن جراحي الأوعية الدموية أحد حقولنا التي نعمل بها شرايين المدخنين! هز الزميل رأسه موافقا ولكن بينه وبين الإقلاع عن التدخين مسافة عرض الأطلنطي. كانت والدتي رحمها الله تقول: عادة البدن ما يغيرها غير الكفن! تقصد الموت حيث يذهب الإنسان وأسراره وعاداته إلى القبر فلا يعود.