الذين لا يعرفون الجزائر، حتما لا يعرفون أن أغرب النادلين في العالم هم في الجزائر بلا منازع، وأطيبهم على الإطلاق! وبدون أية نوايا سيئة يتحول النادل إلى صديق لك، وقد يفاجئك كما تفاجأ صديقي الكاتب اللبناني جبور الدويهي بالنادل وهو يسأله لماذا لم ينه صحنه؟ فأجابه أنه شعر بالشبع ولم يتمكن من إنهاء طبقه، وليس لأن الأكل ليس لذيذا، لكن النادل نظر إلى ما تبقى من شرائح اللحم والبطاطس المحمرة في الصحن وقال للدويهي: “رجل في مثلك سنك لا يجب أن يأكل اللحوم مساء، يلزمك عشاء خفيف من الخضر”. وأتوقع أن شخصا آخر غير الدويهي اللطيف، قد لا يكتفي بالدهشة أمام تعليق كهذا من نادل، لكني بسرعة أخبرت صديقنا بحكايات كثيرة عن النادلين الجزائريين حدثت معي حتى يكتشف جانبا آخر من سلوكنا الذي يجهله الضيف، ففي مرة سابقة كنت مع أصدقاء نتناول “مشاوي” على الطريقة الجزائرية، وطلبت خبزا، ف”وشوشني” النادل بروح فكاهة عالية: “هل أنت مجنونة؟ تطلبين خبزاً وأمامك أفخم طبق مشاوٍ في العالم؟” ثم ذهب ولم يحضر الخبز! أما أطرف نادل فقد طلبت منه “كاتشب”، فإذا به يختفي ويعود بعد نصف ساعة، وقد أحضر لي “كاتشب” من السوبر ماركت ووضعه أمامي بكيسه والسعر عليه، واعتذر لأن الكاتشب لم يكن متوفراً في المطعم، ورفض رفضا باتاً أن يأخذ ثمنه!