في كل عام يقام أسبوع الطاقة المستدامة في العاصمة البلجيكية بروكسل ويتم تنظيم العديد من الأنشطة والندوات خلال هذا الأسبوع. في هذا العام كان هناك لقاء بعنوان الطاقة النظيفة من أجل المستقبل: كيف يمكن تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، بتنظيم المركز الفكري (Think Tank) مركز دراسات السياسة الأوروبية Centre for European Policy Studies والشبكة الأوروبية الخليجية للطاقة النظيفة وأقيم في يوم 21 يونيو 2012. وقد سنحت لي الفرصة لحضور هذه الندوة وسأتحدث هنا أولا عن الشبكة الأوروبية الخليجية للطاقة النظيفة وبعدها سأتطرق للقاء وبعض الخواطر عن العلاقات الثنائية. الشبكة الأوروبية الخليجية للطاقة النظيفة الشبكة تهدف لتحقيق المصالح المشتركة للأطراف الخليجية والأوروبية المعنية بمجال الطاقة النظيفة والناشطة فيه. وكانت جامعة أثينا، قسم الالكترونيات وهندسة الحاسب الآلي، المحرك الأساسي لهذه الشبكة إضافة إلى مركز الخليج للأبحاث وانضم للقائمين على هذه الشبكة معهد «مصدر» في أبو ظبي. تقوم الشبكة بتنظيم عدة لقاءات وورش عمل في مجال الطاقة النظيفة بشكل دوري. وتحرص الشبكة على دعوة شخصيات أوروبية، سواء على المستوى السياسي أو من القطاع الخاص، إضافة إلى شخصيات من الجانب الخليجي. لقاء 21 يونيو في لقاء يوم 21 يونيو كان الجانب السياسي الأوروبي ممثلاً ب مايكل كوهلر Michael Köhler رئيس مكتب المفوض الأوروبي للطاقة وكذلك ماركوس ليبولد Marcus Lippold المختص بشؤون الطاقة في المفوضية الأوروبية. كما شاركت جامعة اثينا ومعهد مصدر باللقاء وكذلك ممثلة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «أرينا» إضافة لمشاركين من القطاع الخاص. حسب ما ذكره ممثلو المفوضية الأوروبية، يتضح أنه لا يوجد هناك “تعاون سياسي” في مجال الطاقة المتجددة بين منطقة الخليج والاتحاد الأوروبي، وغالبية ما ذكروه عبارة عن عرض لأهداف منطقة الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة المتجددة. فقد فرضت المفوضية الأوروبية أهدافا للدول الأعضاء للحصول على 20 بالمائة من اجمالي استهلاك الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2020 بالإضافة للحد من انبعاثات الغازات الدفينة بنسبة 20 في المائة عن مستويات عام 1990 بحلول عام 2020 أيضا. إذا ما هي سبل التعاون بين المنطقتين في مجال الطاقة المتجددة؟ نظريا هناك من يرى أنه بإمكان دول الخليج تمويل أوروبا بالطاقة الشمسية بحلول عام 2050. لكن عمليا المسألة معقدة نوعا ما. في المقابل، تجربة أوروبا في مجال الطاقة المتجددة يمكن الاستفادة منها، وهو ما دعى له الحاضرون من الطرفين. وعلى سبيل الذكر، تجربة شركة مصدر الإماراتية مع شركات أسبانية في مجال الطاقة الشمسية الحرارية من التجارب العملية الجديدة في هذا المجال. ولي وقفة مع هذه التجربة لاحقا. بروكسل.. عاصمة مجموعات الضغط ملاحظاتي على هذا اللقاء هو مشاركة الإمارات وقطر فقط من الجانب الخليجي رغم تكرار ذكر السعودية. من جهة، أرى أنه شيء مشرف للإمارات وقطر حرصهما على الاستثمار في جميع مجالات الطاقة ودراسة إمكانيات تنويع مصادر الطاقة، ومن جهة أخرى، وددت لو شاركت السعودية في هذا اللقاء والتحدث عن تجاربها. أكثر ما أثار استغرابي هو عدم وجود أي تمثيل من السفارات الخليجية. صحيح أن هذا النوع من اللقاءات ليس لتمثيل وجهة نظر سياسية بل هي فرصة للتعرف والتقريب بين الطرفين. لكن لا يمنع ذلك من حضور هذه الندوات وخلق شبكة علاقات. والجدير بالذكر أيضا، أن هناك مكتب لتمثيل دول الخليج لدى الاتحاد الأوروبي ومع ذلك، لم يكن له حضور أو ذكر، رغم أن الشبكة الأوروبية الخليجية للطاقة النظيفة هي حسب علمي المبادرة الوحيدة النشطة في بروكسل للجمع بين الطرفين الأوروبي والخليجي ويمكن لممثلية دول الخليج، التعاون مع هذا النوع من المبادرات. فبروكسل تُعرف باسم عاصمة أوروبا لاستضافتها للعديد من المؤسسات الأوروبية كالمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي. لذا تنشط فيها اللوبيات (مجموعات الضغط) على جميع الأصعدة لمحاولة التأثير على صناع القرار في أوروبا كما هو الحال في واشنطن. فالشركات الكبرى أو القطاعات التجارية والصناعية تحرص على وجود مكتب لها في بروكسل لمتابعة السياسات والقوانين الأوروبية المتعلقة بمجالها. منذ أكثر من عشرين عاما ودول الخليج تسعى لإقامة شراكة تجارية حرة مع الاتحاد الأوروبي لكن لم يتوصل الطرفان للنتائج المرجوة. قد يكون من أحد أسباب الفشل في عدم التوصل لاتفاقية هو عدم الإلمام بآلية اتخاذ القرار السياسي لدى الجانبين. وهنا يمكن الاستبشار بوجود الشبكة الأوروبية الخليجية للطاقة النظيفة، إذ أنها قد تتيح الفرصة لخلق جو حوار مثمر للطرفين شرط أن تشارك الأطراف المعنية لإثراء المبادرة.