مع كتابة هذه الأسطر تكون سوريا في غليان منذ ربيع عام 2011م، أي ثمانية أشهر، والقتل مستمر يوميا، ولم تعد الأسماء تذكر بل أرقام القتلى؛ كل يوم ثلاثون وأربعون وهكذا، فقد تحولت المسألة إلى إحصائية. يذكر عن ستالين قوله إن قتل إنسان تراجيديا، أما قتل الآلاف فهي مسألة إحصائية، وباعتبار الرفاق البعثية هم سلالة التربية الستالينية؛ فهم يزهقون الأرواح على أمل أن هذا سينهي المسألة!، والمسألة ماضية في طريق الثورة الدائمة والتمرد الذي لا يستسلم. في قناعتي أن ما يحصل في سوريا هو (ضربة الميلينيوم) أي الأمر الذي لا يحدث كل ألف سنة إلا مرة واحدة. وهذا يعني أن الشعب السوري أمامه طريق باتجاه واحد، فإما تابعه أو رجع إلى أغلال العبودية قرنا آخر، ولا أظن أنه سيفعله، وأظنه واعٍ لهذا المصير. ما هي احتمالات الثورة في سوريا؟ لا أحد يتكهن!. فكله رجما بالغيب، وليس من رجل راهن على مستقبل مؤكد إلا كان جاهلا ومتبجحا، وسابقا بالقول بكل تهور. ولذا فالاحتمالات مفتوحة على كل الأبواب. قرأت مقالة لباتريك سيل، وهو رجل متحيز قليلا للنظام السوري وحريص على بقائه ولا أظنه يرحب كثيرا بالقوى الجديدة، يخلص إلى القول إنه لا بد من تدخل الصين وروسيا والبرازيل لإنقاذ النظام السوري من خلال بناء قنوات للحوار تحافظ على النظام والمعارضة وتنقل البلد بسلام إلى وضع جديد خارج إطار الحرب الأهلية. في قناعتي أن الثمن الذي دفعه الشعب السوري كان باهظا، ولسوف يرتفع إلى أرقام جديدة الله أعلم بها، ولكنه سيحمل قدره وكفنه ويمضي إلى مستقبل وضيء، وجرت سنة الله في خلقه أن صراع الطغاة مع الشعوب ينتهي بنهايتهم وانتصار الشعوب. كان ذلك في الكتاب مسطوراً.