نجح أهالي قرية ذي عين الأثرية في استعادة إدارة وتسويق السياحة في قريتهم، ولم يتمسكوا بما وصفوه “الوعود العالقة في مسارات روتينية”، إثر تباطؤ هيئة السياحة في تنفيذ وعود أطلقتها منذ أعوام لجعل قرية ذي عين الأثرية مقصداً للزوار من كل أنحاء العالم، من خلال خطة لتأهيل القرية وتطويرمرافقها وتحسين مداخلها وترميم مبانيها تستغرق خمسة أعوام. وإذ لم تطل بوادر للشروع في إنجاز ما التزمت به الهيئة طيلة ثلاثة أعوام خلت، سوى رصف الطريق المؤدي إلى الشلال، وتسويره، وإنارته، وترميم مسجد القرية القديم، وبعض المباني الصغيرة القريبة من الممر، تبنى الأهالي مبادرة قامت على فكرة تأسيس جمعية أهلية محلية متعددة الأغراض، نجحت بموجب أنظمة الجمعيات الأهلية المقرر بنظام صادر عن مجلس الوزراء في استعادة قريتهم من كفوف هيئة السياحة إلى حضن النشاط الأهلي وتحقيق مفهوم الشراكة بين القطاعين الخاص والحكومي بدءاً من تدريب أعضاء الجمعية وأهالي القرية على فن تسويق وإرشاد زوار قريتهم باعتبارها مورداً اقتصادياً يحقق مكاسب مادية ومعنوية، ويوفرفرص عمل للشباب وكبار السن.
إدارة القرى الأثرية وأوضح رئيس مجلس إدارة جمعية ذي عين التراثية يحيى حسين العمري، أن نظام مجلس الوزراء منح الجمعيات الأهلية حق إدارة القرى الأثرية “خصوصاً حين يكون شباب وأهالي القرية فاعلين ومتفاعلين”، لافتاً إلى أنه منذ صدور قرار وزيرالشؤون الاجتماعية اعتماد تسجيل الجمعية رسمياً، هدفت إلى تحسين حالة أعضائها الاقتصادية والاجتماعية، وذلك عن طريق استثمارالأراضي الزراعية، وتسويق المحاصيل بما يعود بالنفع على الأهالي، والحفاظ على القرية التراثية، وتنمية المجتمع المحلي، وإيجاد فرص عمل مناسبة لسكان القرية من خلال البرامج المنفذة، وتوفير احتياجات أهالي قرية ذي عين الاستهلاكية والزراعية، وتبني إدارة المشروعات الصغيرة لأهالي القرية وتسويق منتجاتهم الزراعية والحرفية خلال المواسم صيفاً وشتاءً. وأضاف رئيس مجلس الإدارة أن الجمعية تبنت تنظيم الفعاليات والمناسبات التي تضمن تنشيط الحركة السياحية بالقرية وتوفير الدعم والمساندة الفنية للمزارعين لتحسين زراعة وإنتاج الموز والكادي، والاهتمام بمصدر المياه وتنميته والمحافظة عليه وتسويق القرية سياحياً بالتعاون مع الجهات المختصة الأخرى.
الحِرف اليدوية ولفت العُمري إلى سعي أهالي القرية إلى إحياء الحرف اليدوية التي تشتهر بها القرية، وتدريب وتهيئة أبناء القرية للقيام بالأعمال الفنية والإدارية للمشروعات المستقبلية للقرية، وإيجاد فرص عمل لأبناء القرية والأسر المنتجة، وتسويق منتجات القرية المحلية زراعية وحرفية محلياً ووطنياً، وتبني المشروعات الصغيرة والمتوسطة داخل القرية وفي محيطها، ودعمها فنياً ومالياً، وخدمة المنطقة بتوافر المنتجات الاستهلاكية المختلفة، إلا أنه يعوّل على دعم القطاع الخاص وتجار المنطقة في تحقيق ما يصبو إليه أهالي القرية والقائمون على الجمعية.
مشروع التأهيل من جهته، أوضح أخصائي التسويق فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة الباحة عبدالرحمن مهدي الغامدي أن الهيئة العامة للسياحة والآثار بدأت مشروع تأهيل قرية ذي عين التراثية بشراكة كاملة مع المجتمع المحلي وبما يحقق عوائد اقتصادية وثقافية واجتماعية وبيئية، من خلال تأهيل الممرات الرئيسة للقرية، وترميم المسجد وترميم عدد من المباني لاستخدامها كمتحف للقرية، إضافة للبدء بإنشاء مركز للزوار وعدد من المباني الملحقة به مثل محلات لبيع المنتجات المحلية، ومطعم ومحل تموينات، ودورات مياه عام، بالإضافة إلى ذلك فقد تم العمل مع شركاء التنمية السياحية بالمنطقة وفي مقدمتهم أمانة منطقة الباحة لتنفيذ حديقة عامة لزوار القرية، بالإضافة إلى إيصال التيار الكهربائي للموقع، وتأهيل الطرق في الفترة المقبلة.
الدعم المادي وبخصوص الدعم المادي الذي تحتاجه الجمعية لتنفيذ برامجها، كشف الغامدي أن الهيئة تعمل مع الجمعية على تقديم دراسة متكاملة لتأمين تمويل لهذا المشروع الاقتصادي عبر البنك السعودي للتسليف والادخار من خلال مذكرات التعاون الموقعة، مضيفاً أن الهيئة تبنت تنفيذ مشروع تدريبي للمجتمع المحلي وكانت مشاركتهم في تلك البرامج تفاعلية ومميزة، إضافة إلى تنامي التنسيق المستمر بين الجمعية والهيئة للتنفيذ برامج مستقبلية تساهم في تحقيق مبادئ التنمية المستدامة للمجتمع المحلي. تعاون بهدف التطوير وبخصوص مستقبل القرية، أرجع الغامدي إنجاز المشروعات المستقبلية والخطط التنموية إلى تعاون كافة شركاء التنمية السياحية في منطقة الباحة ومنها أمانة الباحة والنقل وشركة الكهرباء، مشيراً إلى أن العمل يحتاج لآلية مرحلية تتولى تنفيذ مشروعات قرية ذي عين وفق مخطط عام واستراتيجية تطويرية تم إعدادها للقرية بالتعاون مع المجتمع المحلي للقرية. تُعد قرية ذي عين من أشهر القرى الأثرية في السعودية، من خلال مبانيها الحجرية البيضاء المتماسكة منذ ما يزيد على أربعة قرون ،مع احتفاظها باخضرار مزارعها طيلة العام، وانسجام واجهة البيوت وشرفاتها مع منحدر الوادي ،ويذهب المعمرون في منطقة الباحة أن اسم هذه القرية الأثرية ببنائها الفريد وطوابقها المتعددة ارتبط بالأسطورة التي تحكي عن موهبة وافد بعين واحدة مرّ بالقرية وأخرج لأهلها نبعاً مائياً من أسفل الجبل لا ينقطع طيلة العام، بل يرتفع منسوب تدفقه صيفاً، مقابل تمكينه من عصا مجوفة مملؤة بالذهب تخرج مع أول تدفق للماء، مقدرين عمر القرية بأكثر من أربعمائة عام، و تقع جنوب غربي الباحة على بعد 24 كم ، ويتم الوصول إليها عبر طريق عقبة الباحة، الرابط بين السراة وتهامة. وبنُيت القرية على قمة جبل أبيض من الصخر وحجر المرو، وتضم 31 منزلاً ومسجداً ومزارع دائمة الخضرة بفعل العين التي تمدها بالمياه طوال العام، بها مزارع للموز وأشجار الكادي وبعض النخيل، وأشجارالليمون، وبعض الحمضيات، والشجيرات و الفواكه المختلفة.