تزايدت في الأونة الآخيرة حالات زواج القاصرات بالمملكة، و فيما تبرأ مدير إدارة الإعلام والنشر في وزارة العدل إبراهيم الطيّار من تحديد السن وقال« إن تقنين زواج القاصرات وتحديد السن المناسبة لم يصدر من الوزارة حتى الآن» . أكد مأذون الأنكحة الشرعية في الدمام أبوعبدالرحمن سعيد آل عبدالله، قائلاً «إن حالات زواج القاصرات تكررت لديّ في الآونة الأخيرة، وآخر عقد قران قمت به كان لفتاة تبلغ من العمر 12 عاماً، وقمت بالاتصال بمحكمة الضمان والأنكحة واستشرتهم، وتبين لي أنه لا يوجد منع رسمي خاصة أن البنت قامت بالفحص الطبي قبل الزواج».
الجانب الأضعف وقال مأذون الأنكحة في نجران نجيب العٌطيّب «ترد علينا حالات زواج لفتيات دون ال16 عاماً، وأن حالات الزواج من القٌصّر تعتمد كثيراً على سلطة ولي الأمر، و لو رأيت أن حال الولي غير طبيعية أو ظهر منه تصرف غير طبيعي أو كان من المتحجّرين من كبار السن، أقوم بإعطاء الفتاة فرصة لتقول ما تريد من شروط، وأتأكد هل هي مجبرة أم لا، والأمر أولا وأخيرا يرجع لأمانة المأذون وخوفه من الله وحرصه على أن تنال البنت حقوقها كاملة في الزواج، فهي في الغالب تكون الجانب الأضعف مقابل الأب أو الزوج».
ضرر جسدي وقالت الاستشارية النفسية سامية باعوّاد أن تزويج الفتيات ما دون ال 18 عاماً يعتبر هضماً لحقوقهن، فالقاصر لم تنضج سواء من الناحية الفكرية أو الجسدية ولم تتهيأ بعد لتربية أبنائها تربية صحيحة، وتجربتها المبكرة في الزواج خاصة المرغمة عليه، ستنعكس سلباً في تربيتها لأطفالها، ومن الآثار النفسية التي تعاني منها الزوجة القاصر، حالات الاكتئاب الشديدة ونوبات من العصبية تضطر فيها المختصات لوصف مهدئات نفسية لتخفيف تلك النوبات. وأكدت دكتورة النساء والولادة هدى مصطفى أن الحمل والولادة في سن مبكرة يضر كثيرا بالأم وجنينها، وقد تتعرض الفتاة لتشوهات في الأعضاء التناسلية خاصةً إذا حصل الجماع رغماً عنها.
زواج شرعي وقال الباحث في الشؤون الإسلامية عبد العزيز القويعي «عند التحقيق في زواج القاصرات نجده من حيث الأصل زواجا شرعيا، فمتى ما اكتملت شروطه وانتفت موانعه فهو صحيح، وعند الفصل في هذا الأمر ذلك لا يعني أن الزواج من قاصر زواج ناجح أو أننا نحض عليه، ولكن لكي نبقى على سلامة الشريعة من قدح قد يكون، ولا نهتم للطاعنين، فإن كان الزواج من القاصرات في نظر بعض من الناس جرما وظلما، فإن هناك آخر يراه حقاً مشروعاً خاصة إن كان هناك رضا من القاصر وأهلها فما المانع؟ والمنع في هذه الحالة تحجر. وإن كان ثمة رأي فإن الزواج من القاصر لا يكون على إطلاقه بالجواز المستمر ولا منعه التام. فالحكم على الشيء فرع من تصوره، فقد يكون مناسباً لفئة من الناس وغير مناسب لأخرى؛ وهذا من محاسن الشريعة».
ضرره أكثر وأضاف القويعي «إن الزواج من القاصر ضرره أكثر من نفعه، فالقاصر لا تعي دورها ولا المطلوب منها في كل ما يخص علاقتها بالرجل. وتظل طفلة فمَنْ أوتي رشدا في هذا العصر قد لا يستطيع تصريف أموره، فكيف بقاصر قدأُرغمت أو حتى غُرّرت فلابد من كلمة فصل تستند إلى الإقناع والحجة وحينما يواكب هذا زخم إعلامي يركز على القضية، ويترك الأشخاص أو الهيئات الدينية، فإن التنوير سيكون أسطع وأكثر إشراقاً. ومهما حصل وما سيحصل من الزواج بالقاصرات فلا يبتلى به سوى ضعاف النفوس من أولياء الأمور، الذين يسوقون القاصرات كالنعاج للمقصلة، وهذا في حد ذاته امتهان للكرامة الإنسانية وتضييع لحقوق الأطفال. فالمرأة إنما جعلها الله شريكة للرجل، وفي هذا يقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: (إنما هن شقائق الرجال)».