طالبت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وزير العدل الدكتور محمد العيسى بالتعميم على مأذوني الأنكحة بعدم إبرام أي عقد زواج يقل فيه عمر الفتاة عن 15 سنة. وناشدت الجمعية الوزير بالتشديد على مأذوني الأنكحة بعدم إبرام أي عقد إلا بإذن من المحكمة التي يقع في نطاقها عمل المأذون. واعتبرت أن مثل هذا الإجراء يمثل إبراء للذمة، وتحقيقا لمقاصد الشريعة الإسلامية التي توجب منع الضرر، ريثما يتم وضع قاعدة عامة بخصوص هذا الموضوع. وطالبت الجمعية الوزير "بضرورة إشعارها بما يتم في هذا الشأن". وجاءت المطالبة في خطاب رسمي وجهته الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان للوزير العيسى، (حصلت "الوطن" على نسخة منه كما نشرت أمس). ستظل جمعية حقوق الإنسان تطالب، وهل في إمكانها غير المطالبة؟ وسيبقى مجلس الشورى مختلفا حول سن الرشد وسن البلوغ، وسيبقى الفقهاء مختلفين حول زواج القاصرات ذوات العشر سنوات والاثنتي عشرة بين مبيح ومانع، وسيبقى مبررو هذه الزيجات يبحثون في أجساد البنات، وهل هي من الضخامة بحيث تسمح بانتهاك الذكور بغض النظر عن العمر العقلي والنفسي والزمني أم لا، المهم أن يجيد الذكر إقناع الطفلة بقصة آدم وحواء كما فعل مأذون نجران مع طفلة الاثنتي عشرة حتى اقتحم أسوارها خلال أسبوعين من المرابطة على حدود براءتها، والمأساة مستمرة، والهيئة والصحافة رصدتا العديد من الحالات التي يتم فيها إبرام عقود زواج لقاصرات من قبل بعض مأذوني الأنكحة رغم ما في ذلك من انتهاك واضح لمصلحة الطفلة، ولعل ما لم يتم رصده أكثر وأكبر مأساوية، والطريف أن جمعية حقوق الإنسان لفتت النظر إلى أنه يتوجب على مأذوني الأنكحة أن يجعلوا مصلحة الطفل فوق كل اعتبار وذات أولوية وأفضلية في جميع الظروف ومهما كانت مصالح الأطراف الأخرى وإعطاء الطفل حق تقدير مصلحته والتعبير عنها، وكأنها لا تعلم أن هناك مأذوني أنكحة عقدوا على طفلات، وأن الطفل لا يستطيع تقدير مصلحته فضلا عن التعبير عنها، وأن الطفل هو ما تم توصيفه في اتفاقية حقوق الطفل التي انضمت لها المملكة والتي قالت إن الطفل هو "كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك". بمعنى أن سن الثامنة عشرة هو القاعدة والاستثناء هو ما قبل ذلك، وهذا الاستثناء لا يُترك للاجتهادات الفردية وإنما يحتاج آلية تنظمه، لكن قبل هذه الآلية لابد من قرار صارم يحفظ للقاعدة هيبتها ثم يمنح الاستثناءات شرعيتها، ولأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، ولأن الاختلافات والاجتهادات في هذا الباب لن تنتهي، فإن الوقفة المنتظرة فيه نؤملها من ولي الأمر وقائد المسيرة مليكنا الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز، الملك الحاني دائماً على شعبه، الحريص على مصالحه وحقوقه وإنسانيته وكرامته، فهو الأمل لمواطنيه، وقرار منه -حفظه الله- سينهي مأساة القاصرات التي لم تعد تحتمل الاستمرار.