يقول المثل الشعبي: (حاميها حراميها)، وفي نجران يقول الحال: (حامي القاصرات هو المتزوج منهن).. هذه هي قصة مأذون الأنكحة الشرعي الذي تزوج بقاصر عمرها 12 سنة فقط. الطريف أن فضيلة المأذون الشرعي استمع إلى نصيحة عمه (والد الفتاة) بألا يدخل بها إلا بعد عام كامل، ولكنه لم يطق على ذلك صبراً، فاكتفى بشهرين عاشت معه الفتاة الغافلة يحدثها عن قصة أبينا آدم وأمّنا حواء، دون معاشرتها معاشرة الأزواج. كان فضيلته شيخاً يحدثها عن الدين والدنيا مع أنه كان يعترف بأن البنت كانت تردد دائماً (أنا لا أعلم لماذا جاء بي أهلي إليك!)، فهي لم تبلغ الحلم، ولم تكمل الصف السادس الابتدائي إلا عقب دخوله بها. هذه موعظة لأولئك الذين ما فتئوا يرددون دون كلل ولا ملل رغبتهم في تزويج كل القاصرات اقتداء بالسيدة عائشة رضي الله عنها، وعدم اهتمامهم في المقابل بالملايين من العانسات البالغات الراشدات. المهم هو سحب هؤلاء القاصرات من بيوتهن وهم لا يعلمن لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ الأهم هو إشباع النزوة الشهوانية لدى الذكور القادرين، حتى وإن كانت الضحية لا تدرك من معنى الشهوة شيئاً فضلاً عن الاستمتاع بممارستها. وأما القضية الأخرى فتمثلها مقولة المثل الشعبي المشهور (باب النجار مخلّع)، أي كان الأمل أن تستجمع وزارة العدل شجاعتها وتقول قولتها، لا تخشى في الله لومة لائم، فتمنع مأذوني الأنكحة من العقد على قاصرات غافلات، فإذا بالداء يأتي من الجهاز نفسه، فهذا المأذون إنما هو مرآة لشريحة من أمثاله في المهنة! هل يا ترى ينطبق على الوزارة قول الحق تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون)؟ هل الوزارة جادة فعلاً في منع زواج القاصرات استجابة للمنطق وحماية للأطفال وانسجاماً مع العالم المتحضّر؟ أم أن الوزارة لا تعني ما تقوله على الملأ فتكون من الذين يقولون ما لا يفعلون؟! رأيي الشخصي أن معالي وزير العدل جاد فعلاً في تطوير أعمال القضاء.. ليس شكلاً فحسب، وإنما مضموناً، وأول المضمون الاهتمام بحقوق الإنسان، خاصة الضعيف والقاصر والجاهل.