"تأكد" يُسهم في التحقق من صحة بطاقة كفاءة الطاقة للأجهزة    جسر الملك فهد يسجل أعلى عبور للمسافرين منذ تأسيسه    فليك: فخور باللاعبين والجماهير أذهلتني.. وآنشيلوتي بغضب: نستحق الخسارة    مستشفى الرين العام يحقق قفزة نوعية في تقديم الخدمات الصحية لعام 2024    الشباب والهلال يتألقان في ختام بطولة المملكة للتايكوندو،    بايدن يكشف عن قيود جديدة على تصدير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    فيصل بن بندر ومحمد بن عبدالرحمن يعزيان في وفاة بدر بن حشر    سعود بن نهار يكرم المتميزين في البرامج والمنافسات في تعليم الطائف    نائب وزير الخارجية يستقبل مساعد نائب الوزير لشؤون أوروبا والقطب الشمالي والشرق الأوسط بوزارة خارجية كندا    تخصصي تبوك يفعّل تقنية الموجات فوق الصوتية بالمنظار    الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز يرعى توقيع اتفاقية لتطوير مداخل حاضرة الدمام    ختام مؤتمر مبادرة رابطة العالم الإسلامي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة    مفوض الإفتاء "صحة الإنسان قوة للأوطان"    استشهاد خمسة فلسطينيين في غزة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية العاشرة لمساعدة الشعب السوري الشقيق    ارتفاع ضحايا حرائق غابات لوس أنجلوس إلى 24 شخصًا    الهلال الأحمر بعسير يرفع جاهزيته لمواجهة الحالة المطرية    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في حائل    حرس الحدود بجازان يقبض على مواطن لتهريبه 59 كيلوجرامًا من الحشيش    نائب أمريكي: السعودية قوة وشريك أساسي لتعزيز الاستقرار    الإحصاء: %82.3 من الأطفال في عمر "24 - 59 شهرًا" يسيرون على مسار النماء الصحيح    انخفاض درجات الحرارة على منطقتي الرياض والشرقية اليوم    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير إدارة المساجد بالمحافظة    أمسية شعرية مع الشريك الأدبي يحيها وهج الحاتم وسلمان المطيري    لبنان: البداية باحتكار الدولة حمل السلاح    «هيئة الشورى» تحيل مشاريع أنظمة واتفاقيات للعرض على المجلس    مواد إغاثية سعودية للمتضررين في اللاذقية    «سهيل والجدي» ودلالات «الثريا» في أمسية وكالة الفضاء    السعودية.. واستقرار لبنان    خيسوس يعد الزعيم للمحافظة على «الصدارة»    شبح الهبوط يطارد أحد والأنصار    نغمة عجز وكسل    الراجحي يقلّص الفارق في المرحلة السابعة من رالي داكار.. وابن سعيدان ثانياً    جامعة الملك سعود تنظم «المؤتمر الدولي للإبل في الثقافة العربية»    «التربية الخليجي» يكرم الطلبة المتفوقين في التعليم    أمير نجران يستقبل مدير الجوازات    أمير الشمالية يطلع على أعمال جمرك جديدة عرعر    العلاقة المُتشابكة بين "الذكاء الاصطناعي" و"صناعة المحتوى".. المحاذير المهنية    المسجد النبوي يحتضن 5.5 ملايين مصل    «موسم الرياض» يسجل رقماً قياسياً ب16 مليون زائر    «جزيرة الأسماك» تحقق نجاحات اقتصادية وتجذب المستثمرين الدوليين    يِهل وبله على فْياضٍ عذيّه    أمير القصيم يرعى المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي    في موسم "شتاء 2025".. «إرث» .. تجربة ثقافية وتراثية فريدة    رئاسة اجتماعات الرياض تصدر بيانها بشأن سوريا    تمكين التنمية الصناعية المستدامة وتوطين المحتوى.. قادة شركات ينوّهون بأهمية الحوافز للقطاع الصناعي    سيتي يتطلع لحسم صفقة مرموش    «ولي العهد».. الفرقد اللاصف في مراقي المجد    هل نجاح المرأة مالياً يزعج الزوج ؟!    جميل الحجيلان    السباك    هل أنت شخصية سامة، العلامات والدلائل    المستشفيات وحديث لا ينتهي    7 تدابير للوقاية من ارتفاع ضغط الدم    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    مباحثات دفاعية سعودية - أميركية    أمير القصيم يشكر المجلي على تقرير الاستعراض الطوعي المحلي لمدينة بريدة    الديوان الملكي: وفاة والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقعنا بين الإيمان بأدوارنا.. وكفر الممارسة!
نشر في الشرق يوم 01 - 07 - 2012


كثيرٌ منّا يحاول الهرب من واقعه، لأنه لا يشبهه.
لا أشيائي التي أظنها لي، لي، ولا أشياؤك التي تحيطك، وتحاصرك من كل مكانٍ، هي لك.
منزلك، سيارتك، وظيفتك، زوجتك، أطفالك، ليسوا لك، فمن أضافهم إليك ومتى أتوا وكيف صرت مرهوناً بكل هؤلاء الدخلاء عليك؟
إننا لا نجيد ملكية الأشياء، فنحن كأشخاص غيرمعنيين بالأشياء حتى وإن حاولنا.
أنا وأنت يا صديقي، لسنا موظفين لأننا لا نجيد سوى الإيمان أو الكفر بالممارسات، وليس الالتزام بها، حتى وإن حاولنا.
لسنا أزواجا لأننا لا نستطيع ترتيب الأدوار، فمازلنا رغم كل إيماننا بتجردنا ومنطقياتنا الكثيرة، لا نجيد التفريق ما بين الأخذ والعطاء، والحق والواجب، حتى وإن حاولنا.
نحن لسنا آباءً لأننا لا نعرف جدولة الأشياء، ولا تحديد الأولويات، ولا حتى القدرة على التفكير في ماهيّة المستقبل حتى وإن حاولنا جاهدين، مقتنعين بأننا قادرون على لبس الأدوار بجديّة، ومصداقية كما تستدعي المسؤولية، ومنظومة الأخلاق التي تحتّم علينا الالتزام بكل هذا.
إنّنا نمارس هذا الإيمان مندفعين بحميمية بالغة وبحب مظلل، إننا ملتزمون بأدوارنا مقابل جني تلك المكافآت الصغيرة والمتقطّعة التي تلقيها لنا الحياة والآخرون.. وتجعلنا نستمر في ممارسة هذا الوهم وازدواجية الإيمان والممارسة.
الإيمان -أياً كانت فحواه أو اتجاهاته- هو جنة الإنسان في الأرض. منحة السماء للعقول الطيبة والمتكئة على قلوب مخلصة ووفية لإملاءات هذه العقول.
وأنا وأنت نمتلك عقولا وقلوبنا مخلوقة من ريح تغويها اللحظة فتتبعها، دروبها الفضاء والأفق فلا الأرض تحويها ولا السماء قادرة على ذلك.
عقلي وعقلك يا صديقي، مثل (دكاّنة حواج) أعشى يمارس حياته بإيمان بالغ، يقتات الجدل ويقتاته الشك والظنون. تستوقني الأشياء العابرة بلا داعٍ لتفشل أمامها كل محاولة لتمريرها ومن ثم القفز خلفها.
تسكن حيزا ما في دكان الحواج ما شاء لها الزمن، وسيعاد خلطها وتدويرها وإعادة تخزينها كما هي حالة كل محتويات (الدكّان)، وكما هي عادة العجوز الأعشى.
إلى أن ترمي بها إحدى الخلطات في يديّ معنى ما، يحمل من العمق والقيمة ما يرضي منهجية (الحواج) ليقوم بإخراجها من (الخيشة) -فكل محتويات الدكان مخزنة في «خياش» تبيح الاختلاط ولا تعرف التصنيف- ليضعها في الصندوق الخشبي الذي يخفي فيه وبترتيب ملفت، كنوز المعاني التي جناها من دكانه الرطب والمتهاوي، عبر كلّ هذه السنين الطوال التي مارس فيها ترتيب الأشياء وتصنيفها ودراسة جدواها، وثمارها، واختلالاتها حتى بشكلها البسيط الذي يناسب دكّانه الصغير، الذي تحوّل لعالمه، يمارس به إيماناته، وأدواره.
أنا وأنت يا صديقي، مع اختلاف المضمون، والممارسة، والأدوار.. ما زلنا نمارس ذات الشيء، بنفس الاندفاع، واختلاط المعاني بنا، والشكّ، وإيماننا بأننا قادرون على التجرّد، ونحن أبعد ما نكون عن ذلك، وأعقد من أن نكون صنع أنفسنا، بحيث أن معرفتنا لمداخلنا ومخارجنا، تلك التي تعني الإيمان والممارسة، هي مختلطة، وغير قابلة للاستقلالية لتسمح لنا، بإيفاء الأدوار الملتزمين بها، حقها من الإيمان، ومن ثمّ الممارسة وفقا لهذا الإيمان.
قلوبنا مراهقة، شغوفة، متلهفة إلى حد التطرف في الرؤية وفي الإحساس وفي السعي لتحقيق هذا الشغف، يأسرها الخجل والقلق من خجلها، وتستعبدها الرغبة في إرضاء الآخرين في سبيل تحصيل تلك المكافآت الحياتية الصغيرة التي قد تتأتّى على شكل كلمة مديح عابرة، أو مردود مادي أو معنوي.
إنها مراهقة فصامية، يقتسمها منحرف تتفجر فيه الرغبات، ومثالي تنفجر فيه جوانب الروح والسمو والفضيلة.
لم يجد كينونته، ووقع في إشكالية الإيمان وكفر الممارسة، فقرر أن يتجسد صيغة أبيه. فالتزم مسجده ومجلسه فأصبح هما معا على تناقضهما. يعشق قهوة أبيه وهمسه بكلمات الإطراء الجديدة على ابنه.
ويعشق التلصص على حديث النساء كلما كان أكثر حميمية. كلما صار وحيدا يتذكر عذاب الآخرة فيتأمل جلد يده وكيف سيحترق فيبكي بحرقة، لا يلبث وهو في بكائه إلا ويلوح في ذاكرته ساقا تلك الصبية وما فوقهما حينما شاهدها وهي تصعد ذلك الجدار باتجاه بيت أهلها. ما أريد قوله وببساطة بالغة، أننا لسنا أنفسنا على الإطلاق، نحن كائنات تمت إعادة صياغتها وبطريقة متطرفة أيضا. وصدقًا، لا أعرف لماذا تجفف الحياة ينابيعنا المولودة فينا لتحيلها إلى صحاري وأشباه واحات تدور في إشكالية المعنى والقيمة، وتستحثّ الأشياء من حولها على أن تضفي عليها ملبساً واضحا ومعلوما لتلك الروح التي ما زالت تجري في خضّم هذه الإشكالية/ الحياة، فتفقد ماءها/ حياتها، وتمارس الأدوار التي أُمليت عليها، كما تمارس الكفر بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.