حينما كنت اجري بحثا عن الطاقة المتجددة في الخليج لفت نظري اهتمام السعودية بالطاقة الشمسية في سبعينات من القرن المنصرم. ففي تلك الفترة قامت المملكة بإنشاء محطة تجريبية بالتعاون مع فريق أمريكي لتوفير الكهرباء للقرى النائية. برنامج التعاون الذي يعرف باسم SOLERAS Solar Energy Research American Saudi وتم تجربته في العيينة وسط المملكة. شعرت بالسعادة مرتين، أولا لاكتشافي اهتمام المملكة بالطاقة الشمسية وثانيا لكون التجارب أجريت في العيينة. فهذه المدينة لها وقع خاص في ذاكرتي إذ أمضيت فيها جزءاً من طفولتي. واليوم وبعد أن تجاوزت فترة الطفولة بأكثر من عقد اكتشفت أنني كنت أضيء غرفتي بطاقة مستمدة من الشمس ومكيف منزلي بالرغم من تشغيله معظم الوقت إلا أنه لم يلوث بيئتنا على الإطلاق. فبصمتي الايكيولوجية (وسيلة لمعرفة استهلاك الموارد الطبيعية) في الفترة التي عشتها في العيينة متدنية نسبيا. بالرغم من أن برنامج التعاون السعودي الأمريكي استمر لعقدين إذ بدأ عام 1975 وانتهى عام 1995 إلا أني في تلك الفترة لم أسمع على الإطلاق بمصطلح الطاقة الشمسية أو المتجددة أو النظيفة بالرغم من استفادتي المباشرة من تلك الطاقة دون علمي بالطبع. توجه المملكة نحو البحوث العلمية في مجال الطاقة بأشكالها المتعددة وليس النفطية يعد إضافة علمية تحسب لصالحها وكذلك لصالح سكان المملكة. فالعديد من البحوث العلمية تشيد بتجربة القرية الشمسية في السعودية. جميل أن تكلل تجربة علمية بالنجاح لكن الأجمل أن نواصل جني ثمار هذه القرية الشمسية لتقليص اعتمادنا على الطاقة النفطية. فمن خلال هذه القرية، استطاع العاملون على هذا المشروع من وضع معلوماتهم النظرية إلى واقع عملي ملموس واستطاع سكان قرى من الحصول على مصدر للكهرباء لبيوتهم. هل هذا كاف؟ لا أعتقد ذلك خاصة عندما نتعرف على الجهود المبذولة سواء على المستوى المادي أو العلمي. في أكتوبر 2011، زرت القرية الشمسية بالعيينة وشاهدت لوائحها الشمسية التي ما زالت شاهدة على ماض علمي مشرف. لكنها بدت لي حزينة كالأطلال إذ تًركت منسية تحت أشعة الشمس اللاهبة دون أن تنتج ولو القليل من الكهرباء. قد يكون توجه المملكة لهذا النوع من البحوث في الفترة الماضية متعلقاً بأسباب سياسية. لكن اليوم هناك تحد من نوع آخر. أول التحديات تلك الأرقام عن استهلاك الفرد في السعودية للبترول (سواء للكهرباء أو لوقود السيارات). فإذا كانت الأرقام المنشورة صحيحة فهذا يعني أن الاستهلاك المحلي للبترول سيكون المحطة الأساسية للبترول السعودي بدلا من تصديره. وحتى عام 2011 لا يوجد توجه فعلي نحو تنويع مصادر الطاقة رغم ما يقال حول مشاريع مستقبلية من أجل تنويع مصادر الطاقة. الثروة البترولية قد تستمر لسنوات، لكن المستقبل مجهول وبالإمكان أو بالأحرى يجب التحضير له. مع ارتفاع أسعار البترول والتلوث البيئي، يجعل الإنسان سواء في أسيا أو أوروبا يبحث عن بديل أو على الأقل توفير عدة مصادر للطاقة وعدم الاعتماد الكلي على البترول والغاز. قد تكون النرويج نموذجا لبلد بترولي نجح في عدم الاعتماد على البترول في استهلاكه المحلي بل اعتبره مادة للتصدير فقط. لكن هناك دول أقرب من النرويج تسعى لتنويع مصادر الطاقة كالإمارات وقطر اللتان تسعيان للاستفادة الكلية من التقدم العلمي بل تسعيان لأن تكونا رائدتين في هذا المجال. فلننقذ قريتنا الشمسية ونورث الأجيال القادمة كهرباء ووقود لا ينقطعان.