يعرض المسرح القومي في دمشق قصة حياة الجاسوسة الهولندية مارغريتا غرترودا زيلي المعروفة باسم ماتا هاري، التي عملت لصالح الاستخبارات الألمانية قبل أن يفضح أمرها ويحكم عليها الفرنسيون بالإعدام العام 1917. المسرحية، التي أخرجها هشام كفارنة وكتبها رياض عصمت، تبدأ من حدث محاكمة ماتا هاري وصدور حكم الإعدام في حقها. كما أن المسرحية تعود لتختم بهذا الحدث، وتبدو الحكاية كما لو أنها شريط الحياة السريع الذي يمر أمام المرء في لحظة موته. تعيش مارغريتا حياة بائسة مع كومة من الأشقاء، حيث الأم مريضة، والأب غائب عن المنزل، بالتالي عن الاهتمام بشؤون العائلة. موت الأم وغياب المعيل يدفعها لتحمل المسؤولية. لاحقا سيكون اعلان في صحيفة بمثابة خشبة خلاص، حيث ضابط يعلن حاجته للزواج من امرأة سيأخذها بعيدا إلى أقصى الشرق، إلى إندونيسيا. هناك ستكتشف الحسناء أي جحيم اختارت مع زوج يقضي سكير، فتطلب الطلاق بعد طفلين منه، يموت الصبي، فتقرر الهرب بعيداً عن زوجها فيما تظل الابنة حبيسة أبيها. في هذه الأثناء تتعلم الحسناء مارغريتا رقص تلك البلاد، تشتهر، وتختار اسما من وحي الشرق هو ماتا هاري، أي عين الفجر. حين تهرب إلى فرنسا ستكون الراقصة الفريدة محط أنظار الكثيرين، وخصوصا أجهزة الاستخبارات الألمانية التي سترسل امرأة خبيرة لتجنيدها. تلك المرأة ستوقظ في ماتا هاري حاجتها إلى المرأة، خصوصا في ظل اضطهاد وظلم وقصص حب خائبة مع الرجال. وستجد ماتا هاري نفسها متورطة في علاقة مثلية مع المرأة الألمانية، ما يعني توريطها لاحقا في الانخراط مع المخابرات التي تبتزها بصورها الجنسية مع تلك المرأة. وفي كل جولاتها وقصص عشقها، لا تنسى الهولندية الحسناء ابنتها البعيدة حبيسة أبيها، لتصبح استعادة الابنة هي الطلب الذي تلقيه كلما التقت عشيقا جديدا. حين تجمعها المحكمة بزوجها، والد ابنتها، سيطلب منها الأخير الاعتراف بالزنا شرطا لحصولها على الطلاق. حين تذعن ماتا هاري لطلبه على أمل حصولها على الابنة، سيغدر بها طليقها مستندا إلى اعترافها بالزنا وبالتالي عدم أحقيتها في حضانة الابنة. وعلى صعيد الجاسوسية ستصبح الراقصة ضحية لألاعيب الاستخبارات، حين يلقي الفرنسيون أمامها بمعلومات مغلوطة للتأكد من أنها ستوصلها للألمان، وسرعان ما تقع الجاسوسة في الفخ، فتحاكم وتعدم. كل هذه التفاصيل، وأكثر، تعرض على خشبة مسرح الحمراء، مع مساحة واسعة للرقص الذي صممه الكريوغراف معتز ملاطية. غير أن أحدا لا يعرف ماذا تريد المسرحية غير قول الحكاية. وقد قال كاتب، فضل عدم ذكر اسمه “غادرت العرض بعد عشرين دقيقة، لأنني لا أعرف ماذا يربطني بهذه الحكاية، وأي علاقة لها بما يجري في سوريا”. وأضاف “أحسست أن هذه المسرحية لا تعني أحدا، ولا كأن شيئا يحدث في البلد، كأننا في بلد آخر ولسنا في دمشق”. واستطرد الكاتب “إذا كان المقصود هو الترفيه، فهذه جرعة زائدة لا أحتاجها، اضطرتني للخروج مبكرا”. أ ف ب | دمشق