أقولُ ل: «كلّ مواطنٍ» بَرٍّ في هذا البلدِ الأمينِ.. تفتأُ تذكرُ الأميرَ: «نائفَ» حتّى يكونَ من أمرِكَ ما يكونُ..برؤوسِ أنامِلهِ طَفِقَ «الوطنُ كلُّهُ» يُدارِي أدْمُعَهُ عن عينيهِ الواسعتينِ ثمّ لمْ يلْبَثْ أنْ قالَ: نعم، وما ليَ لا أذكرَهُ و»إنما أشكُو بَثِّي وحُزني إلى اللهِ»..بكت الناسُ: «أمواتَها» ومَا مِنْ ريبٍ أنْ سَتبكِي موْتَاهَا بكرةً وعشيّا؛ فيما أنتَ -يا نائفُ- مِنْ ذكرِ موتِكَ سيبْكِيكَ: «الأمنُ» وهو صِنُو: «التّوحيدِ» بِما أتَت به: «الشريعةُ» من مقاصدِها العُليا.. ذلك أن: «الأمنَ» قِوامُ النّفسِ والعقلِ والفؤادِ، وحسبُنَا أن من: «مَنْ أصبح آمنًا في سربِه، معافىً في بدنِه، عنده قوتُ يومهِ؛ فقد حِيزت له الدنيا بحذافيرِها»..ولعلّ من بكاهُ الأمنُ أن يكونَ له الأمنُ مِن الخوفِ الأكبرِ يومَ التّغابُنِ..وسيبكيِكَ: «الحجُّ» فريضة، وهو الرّكنُ الأوحدُ الذي يأتيه المسلمونَ من كلّ فجٍّ عميقٍ دونَ بقيّةِ ما بُنيَ عليه الإسلامُ ِ من أركانٍ خمسٍة..، فلِلحجِ إذنْ: «أمنُ مكانٍ» وما لا يتمُّ الفرض إلا بهِ فهو فرضٌ.وحتمَاً إبّانها سيسأَلُنَا (الحاجُ) عن: «نائفَ الأمنِ» ما بالُهُ.. لِمَ لَمْ نُبْصِرْ شامخَ هامتِهِ كما في كلّ عامٍ مِن حجّنَا؟!؛ حينها سيكونُ الجوابُ: بكاءَ السائلِ ونشيجَ المسؤولِ؛ بينما رجعُ الصدى جبالُ المشاعرِ كلُها إذ ضجّت بالبكاءِ.. وكأنّهَا قد أوّبَت مع البكاءِ بكاءً..سبحَانَك ربّي.. الآنَ أدركتُ مقتضى لطيفِ حكمتِكَ إذ شئتَ دفنَهُ في مقبرةِ: «العدلِ». فيا أيها الحجاجُ: «نائف» الذي عنه كنتم تسألون؛ لم يبرحِ المشاعر ذلك أنّهُ لم يغادِركُم حيّاً وميْتاً. وذاكَ برهانٌ أنّ: «أمنَ الحجاجِ» حالةُ القلقِ التي تتلبّسهُ حتى يعودَ الحجّاجُ من حيثُ أتَوا سالمين.وستَبْكِيكَ يا «نائف»: الصِّحَاحُ والسّنَنُ والمسانيدُ بل ودواوينُ السّنةِ كلّها وكتبُ السيرةِ جرّاءَ ما كنتَ لها صانعاً وبها حفيّا… وستبكيكَ المآثرُ كلّها.. وآيادي المعروفِ.. وستبكِيكَ صدقات «سِرٍّ» لم نكنْ عنها بعالمين.. وتبكيكَ.. وتبكيكَ.. وتبكيكَ: أشياءُ ما علِمْنَا مِنهًا وما لمَ ْ نعلم..ولئن متَّ فإنّ ذاك شأنُ كلّ حيٍّ وحسْبُنَا أن ّ أفعالَ الكبارِ لا تموتُ..نَمْ -يا نائفُ- في قبرِكَ حيثُ: «العدلُ» قريرَ العينِِ ذلك أنَّا قد حفِظْنا عنكَ كلَّ الدروسِ في شأنِ: «بسط الأمنِ»، ولقد أفلحتَ أُستاذاً إذْ جعلتَ من كلِّ مواطنٍ فينا: «رجلَ أمنٍ» وبتْنَا كلّنَا في: «ذاتِ الأمنِ» رُتبةً واحدةً..نَمْ في قبركَ حيثُ: «العدلُ» قريرَ العينِ ذلك أنَّا قد فَقِهنا عنك أنّ: «الأمنَ» مقياسٌ لقوّة الدولةِ وسلامتِها، واستقامةِ القائمينَ عليها وعدالتِهم، فإذا اختلّ شرطُ «الأمن» فإنَّ ثمّةَ عيبا يعتورنا كلّنا…نَمْ في قبرِكَ حيثُ: «العدلُ» قريرَ العينِ ذلك أنك أنتَ من كرّسَ فينا أنّ «الأمنَ»: طمأنينةُ النفسِ، وانعدامُ الشعورِ بالخوفِ، وزوال القلق، وانتفاءُ التهديدِ؛ ابتغاءَ أن يُمارس «المواطنُ «-قبلَ المسؤولِ- من ضروريّات حياتِه وحاجيّاتِها وتحسينيّاتِها وهو في منأىً عن كلّ ما يُكّدِّرُ صفوَ عيشهِ.. بقيّةُ القول: وحدَهمُ الكبارُ الذين يمنحوننا الدروسَ يومَ موتهم كما كانوا يفعلونَ في حيواتهم سيّان.. وليتغمّدكَ اللهُ تعالى بواسعِ رحمتِهِ. آمين.