كنت انتظر الحافلة في إحدى محطات مدينةٍ ما، تسكنها وجوه غربية غريبة. هي المرة الأولى التي رأيت فيها تلك الفتاة العاري وجهها من أي شيء إلا ابتسامتها، ابتسامتها تلك أطلقت سراح عقدة حاجبيّ، أهدتني سرورًا يكفي يومي كله بلا سبب. وجوههم الغريبة عليك المُجمَّلة بالابتسامات تجعلك تتساءل إن كنت قد رأيتهم من قبل، يلاقي الغريب غريباً آخر بابتسامة لا تختلف عن ابتسامة عزيز لعزيز، وهذا ما يندر رؤيته هنا. حين عدت لأرض الرياض، رأيت طفلة تجلس على كراسي انتظار المطار فابتسمت، فإذا بأمها ترمي لي نظرة كنظرة تُرمى لخاطف! وابتسمت لأخرى فتجاهلتني بوجه كالصنم، وأخرى حين ابتسمت لها كان ردها سؤالًا: تعرفيني؟ ومن هنا تعلمت أن مفهوم الابتسامة لدينا ليس إلا بمعنى إعجاب أو معرفة أو نية غير صالحة! لا أحب المقارنة بين أخلاق الشعوب، لكن وجدت من غير المسلمين من يتحلى بصفات وصى بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وكثير منا يرى فيها تكلفاً. الابتسامة أبسط وسيلة لإسعاد نفسك ثم من حولك، وأسهل طريق يدخله التفاؤل في نفسك قبل نفوس من يجاورك. من الناحية العلمية هي أسهل لعضلات الوجه من التكشير، ومن الناحية الدينية كما قال نبينا: (تبسمك في وجه أخيك صدقة).ابتسم ملء شدقيك فيفرح صديقك، أظهر لؤلؤك لعدوك فيكفيك خيره وشره، وابتسم لغريب حزين فتهديه القليل من الفأل، وآخر سعيد لتزيده سعادة. جرب أن تُحظى بحسنة من ابتسامة صادقة، وأن تحسن ظنك بمن تبسَّم في وجهك، فإن لوثت نوايا لست تملكها فقد تكون أخطأت في حقه وحق خُلُقك.